التقرير مقام لفظ التجديد والابتداء، ومن تعدى ذلك إلى حكمٍ، فقد خرج عن قالَب الفقه.
٤٩١٧ - ومما يتعلق بهذا الفصل أن العامل إذا مات والمال ناض، ولا ربح، فتصوير ابتداء القراض مع الوارث هيّن.
وإن كان المال ناضاً، وفيه ربحٌ، فوارث العامل شريك في المال، فإذا فُرض ابتداء القراض معه، فقد صححه الأصحاب، وهذا على التحقيق إيراد القراض على مالٍ شائعٍ، ليس متعيناً في نفسه (١)، وأطبق الأصحاب على جوازه.
وفي هذا فضل نظر عندنا، فإنا ذكرنا في كتاب الشركة أن الشريكين إذا كان بينهما دراهم على التنصيف ملكاها إرثاً مثلاً، فإذا عقدا عقد الشركة، فمقتضاها قسمة الربح على مقدار الملك في رأس المال، فلو فوض أحدُهما التصرفَ إلى الآخر، وشرط له مزيدَ ربحٍ بسبب انفراده بالعمل، فقد ذكرنا في ذلك تردداً في كتاب الشركة، وهذا أوانُ كشفِ القول فيه.
فالذي أراه أن أحد الشريكين إذا ترك العمل بالكليّة إلى شريكه، ورفع اليد عن ملك نفسه، وجرى مع الشريك على الشرائط المرعية في القراض، فيجب والحالة هذه القطعُ بإثبات حكم القراض، وكأن الشريك قارضه على نصيب نفسه من المال، وقد ذكرنا أن الشيوع لا يمنع صحةَ القراض، وسنذكر في ذلك أمثلةً بعد هذا، إن شاء الله.
وإذا كان كذلك، فمن ضرورة القراض أن ينفرد العاملُ بربحِ نصيبه، ويكون مقارضاً في نصيب شريكه، ومن حكم كونه مقارضاً أن يكون ربح ذلك النصيب (٢) مقسوماً بينهما على جزئيةٍ، ونسبةٍ يتوافقان عليها، فلست أرى لذكر الخلاف وجهاً في هذه الصورة، إلا إن تشبث متشبث باشتراط كون رأس المال متميزاً غير شائع، ولم أر أحداً من الأصحاب يصير إليه، أو يتشبث به.
وأنا أقول: لو كان المال بينهما نصفين، وسُلِّم العمل على شرط القراض لأحدهما، على أن يكون الربح نصفين، فهذه معاملة فاسدة، وهي بمثابة ما لو شرط
(١) هنا خرم في نسخة (ي)، مقداره (لَقْطة) واحدة.
(٢) في (هـ ٣): "النصف".