٤٩٢٨ - ثم نقول بعد ذلك: إذا انكشف السر، وظهر الأمرُ، وقد عمل المقارَض الثاني على أنَّ نصف جميع الربح له، ثم لم يسلم له إلا نصف النصف، فهل يرجع على العامل الأول؟ وكيف السبيل إلى قطع العلاقة والأمر على ما وصفناه؟
فالوجه أن نقول: أما نصف النصف، فيسلم له على القديم، وفي رجوعه على العامل الأول بنصف أجر مثل نفسه وجهان مشهوران: أحدهما - أنه يرجع عليه، لما نبهنا عليه من أن الوفاء بتمام النصف لم يُمكن، فقد تعطل شَطر عمله عن مقابل، فالوجه إثبات شطر أجر مثله على العامل الأول.
وهذا له التفاتٌ على قاعدة التغرير ونُزوعٌ إليه.
والوجه الثاني - أنه لا يستحق إلا ما سلّم له من الربح؛ فإن الجمع بين حكم الصحة والفساد متناقض، وصرفُ جزءٍ من الربح إلى العامل من (١) حكم الصحة، وإثبات أجر المثل حكم الفساد، فلا سبيل إلى الجمع. هذا بيانُ تردد الأصحاب.
وذهب ذاهبون منهم إلى الفصل بين عبارة وعبارة، وقالوا: إن كان قال المقارَض الأول للمقارَض الثاني: خذ هذا قراضاً على أن ما رزق الله من ربحٍ، فهو نصفان بيننا، فإن كان اللفظ كذلك، لم يرجع العامل الثاني على الأول؛ لأن الله تعالى لم يرزقهما من الربح أكثر مما خصَّهما بالمقاسمة.
وإن كان قال: على أن الربح بيننا نصفان، ففي ثبوت رجوع الثاني على الأول وجهان كما تقدم.
وكان شيخي لا يفصل بين العبارتين؛ فإن العامل الثاني يفهم منهما تشطّر جميع الربح، ولو لم يفهم هذا (٢)، وتردد، كان ذلك مضاربةً على جهالة بجزئية الربح.
هذا تمام الغرض من هذا الفصل، وهو حسيكةُ الكتاب؛ لما فيها من الحَيْد عن قانون القياس. وشرطُنا بلوغُ أقصى الإمكان في كل فصل.
(١) ساقطة من الأصل.
(٢) ساقط من الأصل.