وإن تلف البعضُ بأن كان رأسُ المال ألفاً، فتلفت خمسمائة، ففي المسألة وجهان: أحدهما - أن القراض ينفسخ فيما تلف، ويبقى فيما بقي، وفائدة ذلك خروج التالف عن الحساب، والمصيرُ إلى أن رأس المال هو الذي بقي، حتى (١) نقول: إذا تصرف العامل فيما بقي وربح، فلا يلزم جبرانُ الخمسمائة التالفة.
والوجه الثاني - أن القراض لا ينفسخ فيما تلف، وإذا اندفع العامل في العمل، فرأسُ المال ألف، ويجب جبران الخمسمائة التالفة.
ووجه الوجه الأول واضح، ووجه الثاني أن العقد إذا بقي ببقاء بعض رأس المال، فما جرى من النقصان يُعدُّ في عُرف المعاملة من النقصانات التي تجبرها الزيادات إذا اتفقت، ولعل الأقيس الأول.
٤٩٨٠ - ولو اشترى بالألف التي دفعها إليه عبداً، ثم تلف الألفُ قبل أن يوفره على البائع، نظر: فإن كان اشترى العبد بعين الألف، انفسخ العقد بتلفه، وارتد العبد إلى البائع (٢)، ولا ضمان على المقارَض، وانقطعت علائق القراض.
وإن كان اشترى العبدَ في الذمة، فالعقد قائم، ثم فيه وجهان: أحدهما - أنه ينقلب العقد إلى العامل، ويلزمه نقدُ الثمن من ماله؛ لأن رب المال لم يرض بأن يزيد تصرفُه على الألف المسلم إليه، ولا سبيل إلى الحكم بانفساخ العقد، فلا مسلك أقربُ من انقلاب (٣) العقد إلى من تولاه.
والوجه الثاني - أن العقد لا ينصرف عن رب المال؛ فإنه وقع له، ودخل العبد في ملكه تحقيقاً، فعليه بذلُ ألفٍ آخر في ثمن العبد، والألف الذي تلف لا ضمان بسببه على العامل، لكونه مؤتمناً.
فإن حكمنا بأن العقد ينصرف إلى العامل، فقد انقطع القراض، ولا كلام فيه، وعلى العامل ثمن العبد.
(١) في الأصل: حتى لا نقول. (وهو لا يتفق مع السياق). والمثبت من (ي)، (هـ ٣).
(٢) ما بين المعقفين ساقط من الأصل.
(٣) (ي)، (هـ ٣): ردّ العقد.