ولو كان لهذا الوجه صحةٌ وثبوتٌ، فلا بد من طرده في مسالة بيع الثمار إذا تقدم واستأخر عنه بيع الأشجار.
٥٠٠٠ - ومما نفرّعه في ذلك أنه لو قال المالك: زارعتك على هذه الأراضي بالنصف، وساقيتُك على النخيل بالنصف، وقدّم لَفْظَيْه على النسق الذي ذكرناه، على قبول العامل. ثم قال العامل: قبلتهما، فللأصحاب طريقان: منهم من ألحق ذلك بمحل الصحة وجهاً واحداً.
ومنهم من ذكر في هذه الصورة، اختلافاً، لتمييز المزارعة في الذكر عن المساقاة، ثم يُرتِّب هذا القائلُ هذا الخلافَ على ما لو أفرد كل واحد منهما بعقدٍ، وقبولٍ، على حكم التمييز.
وقد قال القاضي: " لو قال: زارعتك على هذه الأراضي، وساقيتك على النخيل بالنصف، فهذا يصح وجهاً واحدأ، وإن تعدّدت العبارة عن مقصود الأراضي والنخيل؛ إذا كان ذكرُ الجزئية بعدهما راجعةً إليهما. ومسألة التردد فيه إذا ذُكر جزئيةُ المزارعة، ثم ذُكر المساقاة وجزئيتُها، ثم ذكر القبول بعد ذلك ".
وهذا الذي ذكره صحيح، فلا يشترط في تصوير الوفاق أن نذكر عبارةً واحدةً صالحةً لهما، مثل أن يقول: عاملتك، أو ما جرى هذا المجرى.
ولو جمع بين الأراضي والنخيل في العقد واللفظ، ولكنه غاير بين الجزئين فقال: ساقيتك على هذه النخيل، وزارعتك على هذه الأراضي على أن لك من الثمر النصفَ، ومن الزرع الثلث، فقد اختلف أصحابنا: فمنهم مَنْ صحح ذلك، لاتحاد العقد والعاقد، وجريان التبعية. ومنهم من لم يصحح المزارعةَ؛ لأنها ميزت على الصيغة المغايرة عن النخيل، وأفردت بقسطٍ وجزء، فكان ذلك خارماً للتبعية.
ثم لا يخفَى أن الخلاف في ذلك يترتب على الخلاف فيه إذا أُفردت المزارعة بعقدٍ تقديماً أو تأخيراً، ولا يشكل وجه الترتيب.
و كل (١) ما ذكرناه فيه إذا جرت المزارعة على الأرض، مع المساقاة في النخيل، واتحد العامل.
(١) في الأصل: ولكن.