٥٠١٧ - فنقول: إذا شُرطوا وتعينوا بالشرط، فالكلام بعد ذلك في نفقاتهم ومؤنهم، وقد أجمع الأئمة على أنه لو لم يقع التعرض لنفقتهم، فنفقاتُهم على المالك؛ فإن النفقة تتعلق بالمالك إذا لم يقطعها قاطع عنه، ولو وقع الشرط على أن ينفق المالك، فقد تطابق الشرطُ ومقتضى الشرع.
ولو وقع الشرط على أن تكون النفقة على العامل، فقد اختلف أصحابنا في المسألة، فمنهم من قال: هذا فاسدٌ؛ لأنه قطعٌ لمقتضى الشرع في اقتضاء الملك نفقةَ المملوك.
ومنهم من قال: يصح شرطُ النفقة على العامل؛ فإن العمل في وضع العقد مستحَقٌّ عليه، فلا يمتنع شرط مؤنة العملة (١) عليه، وهذا ظاهرُ النص؛ فإنه قال: رضي الله عنه: ونفقة الرقيق على ما يتشارطان.
وذهب مالك (٢) إلى أن مطبق العقد يقتضي أن تكون النفقة على العامل، وإياه قصد الشافعيُّ بالرد حيث قال: والنفقة على ما يتشارطان، فهذا هو الترتيب في الأصل.
وذكر شيخي عن بعض الأصحاب وجهاً أن شرطهم لو كان مطلقاً، ولم يقع التعرض لذكر نفقاتهم، فالعقد يفسد بهذا الإطلاق؛ فإنه يجرّ جهالة في المقصود.
وهذا مزيف ضعيفٌ.
فإذا حكمنا بأن النفقة على المالك في التفاصيل التي ذكرناها، فإنه ينفق عليهم إنفاقه قبل ذلك. فإن قلنا: النفقة على العامل عند الشرط، فهل يُشترط إعلامها؟ فعلى وجهين: أحدهما- أنه يجب الإعلام، وهو الأقيس، ولا يخفى وجهه.
والثاني- لا يشترط الإعلام ويتسامح في ذلك، ويُرد الأمر إلى الأمر (٣) القَصْد الوسط في الإنفاق، ومثل ذلك محتمل في عرف المعاملات.
(١) في النسخ الثلاث: العمل. والمثبت تقدير منا لرعاية السياق.
(٢) ر. جواهر الإكليل: ٢/ ١٧٩، حاشية الدسوقي: ٣/ ٥٤١.
(٣) في الأصل: إلى الآمر القصد. وفي (ي): إلى القصد الوسط. والمثبت من (هـ ٣).