فالقدر (١) الذي يتساهل فيه أهلُ الشأن، ويرَوْن مقابلة الزائد فيه -لو مَسّت الحاجة- بالناقص لو أغنت الأنداء؛ فذلك لا كلام فيه.
وهذا عندي قريب الشبه بما يطلقه الفقهاء فيما يتغابن الناس بمثله وقد لا يحتمل (٢) مثل هذا في الإجارة. فما يتساهل أهلُ العرف فيه، لم يؤثِّر سقوطُه في حطٍّ، وما يسقطُ من العمل على ندورٍ ولم يكن مما يُتساهل في مثله، فهو الذي فيه الكلام.
٥٠٣٢ - ومما يعترض في ذلك أنه إذا عمل العامل بعضَ الأعمال وهرب، وامتنع باقي العمل، وأثبتنا حقَّ الفسخ، فإذا فسخ المالك لا نقول: يستحق العامل جزءاً مما شرط له ويسقط جزء، بل ينقطع حق الاستحقاق من الثمار بالكلية.
ولو جَرْينا على قياس الإجارة، ونزّلنا الثمار منزلةَ الأجرة، لأثبتنا بعضاً من الثمار؛ فإن الإجارة إذا انقضى بعضُ مدتها، وطرأ في باقيها ما يوجب الفسخَ، فإذا فسخت في البقية، لم تنفسخ الإجارة فيما مضى، على ظاهر المذهب.
فأعمال المساقَى لا تجري مجرى المنافع في الإجارة، حتى يقابَلَ المنقضي (٣) منه بقسطٍ من (٤) العوض المسمى في المعاملة.
فإذا ثبت ذلك، فلو سقط جملةٌ من أعمال المساقى، لا يُتسامح بمثله، فلست أرى إجراء هذا على قياس حالة الفسخ، حتى يقال (٥): إذا تبعض الأمر، واستحال إثباتُ جميع المسمى من الثمن، فالرجوع إلى أجر المثل ويسقط الاستحقاق من الثمن.
والفارق فيما أظن أن نماء الثمر قد حصل، وسقط بعضُ العمل. والفسخُ مفروضٌ فيه إذا كان الثمر لا ينمو إلا بأعمالٍ تعذر صدورها من العامل، وعسُر تحصيلها من
(١) في الأصل: القدر (بدون فاء).
(٢) عبارة الأصل: وذلك لا يحتمل مثل هذا.
(٣) في الأصل: المقتضي.
(٤) ساقطة من الأصل.
(٥) ساقطة من (ي)، (هـ ٣).