٥٠٣٤ - ومما يتعلق بأطراف الكلام في الفصل، أن الحاكم لو أذن للمالك أن يستقرض على العامل الهارب، ينفق على قدر الحاجة في استكمال العمل، فهل يجوز ذلك؟ فعلى وجهين، وكذلك لو أذن له أن ينفق من مال نفسه بشرط الرجوع عليه، ففي المسألة وجهان: أصحهما- أن ذلك يجوز، ثم يرجع على العامل، إذا تمكن من الرجوع؛ لأنه مؤتمنٌ من جهة الحاكم.
والثاني- لا يجوز ذلك؛ لأنه يستحق إتمام عمل العامل، ويستحيل أن يكون الإنسان مؤتمناً فيما يستحقه لنفسه على غيره، وهذا بعينه يأتي في هرب الجمال (١)، فلم نطنب فيه، وإنما أَغْرَقنا الكلام في خصائص المساقاة.
٥٠٣٥ - ولو أنفق المالك بنفسه وفي البلد حاكم يمكن أن يراجَع، وقصد بما ينفقه الرجوعَ به على العامل، لم يجد مرجعاً؛ لأنه ترك الاستئذان من صاحب الأمر، مع القدرة، ولو لم يكن بتلك (٢) الناحية حاكم، وصاحب أمرٍ يراجع، فأنفق المالك (٣)، ففي رجوعه على العامل إذا وجده ثلاثة أوجه: أحدها- أنه لا يرجع؛ لأنه لم يصدر إنفاقه عن أمر حاكم، ولا عن إذن العامل، ولم يفسخ أيضاً بل تمادى على العقد، فكان كالمتبرع، ولو قصد التبرع، لم يرجع.
والوجه الثاني- أنه يرجع؛ فإن تخسيره لا وجه له، ولا تقصير من جهته في ترك استئذانٍ ممكنٍ، فاستحقاقه، مع تحقق الضرورة يُثبت له سلطانَ الرجوع.
والوجه الثالث- أنه إن كان يُشهد (٤) على ما يُنْفق، فيرجع، ويتنزّل (٥) ذلك منزلة ما لو أذن الحاكم لو كان حاكم.
وإن لم يشهد، مع القدرة على الإشهاد، لم يجد رَجْعاً (٦).
(١) في الأصل: المال.
(٢) في الأصل: مثل. وهو تصحيف عجيب.
(٣) في النسخ الثلاث: العامل.
(٤) (ي)، (هـ٣): قد أشهد.
(٥) عبارة (ي)، (هـ ٣): وينزل منزلة إذن الحاكم، لو كان الحاكم.
(٦) رَجْعاً ومرجعاً بمعنىً. تقول: رجع يرجع رجوعاً، ورَجْعاً ومرجعاً. (مصباح).