شيخ الإسلام، البحر الحبر، المدقق المحقق، النظار الأصولي المتكلم، البليغ الفصيح الأديب، العَلَم الفرد، زينةُ المحققين، إمام الأئمة على الإطلاق.
ونقل ابن السبكي عن الحافظ عبد الغافر الفارسي قولَه فيه: فخر الإسلام، إمام الأئمة على الإطلاق، حبر الشريعة، المجمع على إمامته .. من لم تر العيون مثله قبله، ولا ترى بعده .. رباه حِجرُ الإمامة، .. وأرضعه ثدي العلم والورع، إلى أن ترعرع فيه ويفع (١). اهـ.
في فقه الشافعية: إذا قيل: قال الإمام، أو اختاره الإمام، أو نحو ذلك، فلا إمام غيره، ولا تقال بهذا الإطلاق على أحد سواه.
وقد وصفه بعضهم وقد كان لا يزال في شبابه، فأضفى عليه من الفضائل والمناقب: ما لا يجتمع في العادة مثلها لفرد، ولكن الله يختص بفضله من يشاء.
قال: فالفقه فقه الشافعي، والأدب أدبُ الأصمعي، وحسن بصره بالوعظ للحسن البصري .. وكيفما كان فهو إمام كلِّ إمام، والمستعلي بهمته على كل هُمام ... إذا تصدر للفقه فالمزني من مُزْنته قطرة، وإذا تكلم (من علم الكلام) فالأشعري من وَفْرته شعرة، وإذا خطب ألجم الفصحاء .. (٢)!
وقال ابن خلكان في ترجمته: أعلم المتأخرين من أصحاب الإمام الشافعي على الإطلاق، المجمع على إمامته، المتفق على غزارة مادته، وتفننه في العلوم، من الأصول والفروع والأدب، وغير ذلك. وتفقه في صباه على والده أبي محمد، وكان يُعجب بطبعه وتحصيله وجودة قريحته، وما يظهر عليه من مخايل الإقبال، فأتى على جميع مصنفات والده، وتصرف فيها، حتى زاد عليه في التحقيق والتدقيق (٣).
تكوّن إمام الحرمين تكوّناً علمياً قوياً منذ صباه، وتفقه على والده الإمام أبي محمد الجويني وأخذ علوم عصره عن أفذاذ رجالها المعروفين في وقتهم: من العربية،
(١) انظر: الطبقات الكبرى للسبكي: ٥/ ١٦٥ - ١٧٤.
(٢) الطبقات الكبرى: ٥/ ١٧٨.
(٣) وفيات الأعيان لابن خلكان: ٣/ ١٦٧ , ١٦٨ الترجمة رقم (٣٧٨).