وتفاوت الأجرة في المدتين كتفاوت القيمة في عبدين يشتريهما، ويقبض أحدَهما، ويتلف في يده، ثم يتلف الثاني في يد البائع، فينفسخ البيعُ في العبد التالف في يد البائع، ويستقر في العبد الذي قبضه المشتري وتلف في يده، والرجوع إلى القيمتين في العبدين قراراً وانفساخاً. ووضوح ذلك يغني عن مزيد الشرح فيه.
وهذا كله فيه إذا استأجر عيناً، وقبضها، ثم تلفت في يده تحقيقاً، كالعبد يتلف في يد المستأجر، وهو موْرد العقد.
٥٠٩٩ - فلو استأجر داراً، وقبضها، ثم انهدمت في يده بعد مضي مدة كما سبق تصويرها، فالذي ذهب إليه الجماهير أن الإجارة تنفسخ بانهدام الدار في المدة المستقبلة، كما تنفسخ بموت العبد المستأجَر. والكلام في انفساخها أو فسخها بالخيار في المدة الماضية على التفصيل الذي تقدم ذكره.
وذهب بعض القياسين من الأئمة إلى أن الإجارة لا تنفسخ بالانهدام في (١) المستقبل، فإن المنافع لا تزول بالكلية؛ إذ العرصةُ باقية، والانتفاع بها سُكُوناً (٢) ممكن على الجملة، وليس كموت العبد المستأجَر؛ فإن موته يزيل وجهَ الانتفاع بالكلية.
فإن جرينا على ما ذهب إليه الأصحاب في الانهدام، فالتفريع في التوزيع كما تقدم في تلف العبد.
وإن لم نجعل الانهدام بمثابة التلف، فإنا نجعله بمثابة تعيّب المعقود عليه، ولو تعيّب، لثبت للمستأجر حقُّ الخيار. فإن أجاز العقدَ، استقرت الأجرة المسماة بكمالها للمكري، ولم يملك المستأجر استرداد شيء منها، لرضاه بالعيب، ولا يخفى نظير ذلك في المبيع إذا وقع الرضا بعيبه (٣).
(١) ساقط من الأصل.
(٢) سكوناً: أي سكناً، وهذا الاستعمال واردٌ في كلام الغزالي أيضاً وغيره من الفقهاء، ولم أعثر عليه في المعاجم، ولم أجد أحداً ممن يشتغلون بعلوم اللغة سمع به، بل كانوا جميعاً يستغربونه، ويعجبون منه.
(٣) في الأصل: بعينه، و (د ١): بدون نقط.