٥١٢٧ - وهذا وإن كان يتأتى توجيهه بعيدٌ عن مذهب الشافعي مخالف لنصه.
فإن قيل: فمتى يجوّز هذا القائل استئجارَ الجزء الشائع؟ قلنا: إنما نجوّزه إذا كان لا يحتاج إلى التقطيع في توفية المنافع، كالذي يستأجر جزءاً من دارٍ، ويتأتى منه مساكنة غيره من غير فرض مهايأة.
وهذا خبطٌ وتخليط. والصحيح (١) التصحيحُ، إذا لم يجْر لفظُ التقطيع في العقد، فهذا بيان صورة واحدةٍ، قسمناها، وفصلنا (٢) ما قيل فيها.
٥١٢٨ - فأما إذا استأجر رجلان دابة معينة على أن يتعاقبا، ويتناوبا في الركوب، فهذا ينقسم أيضاًًً: فإن لم يتعرضا للتناوب وذكر التعاقب، ولكنهما استأجرا دابة معينة عن مالكها، فلا يجوز أن يفرض في ذلك اختلاف.
والوجهُ القطع بصحة الإجارة. ثم إنهما إن أرادا المهايأة أجرياها على حسب التوافق، وأصل العقد وارد على استعقاب العقد الاستحقاقَ.
وشَبّبَ بعضُ الضَّعَفةِ من الأصحاب بفساد الإجارة؛ لأنهما يستحقان المنافع، واستيفاؤها على هيئة التقطّع لو صحت الإجارة، والتقطّع يُفضي إلى استئخار الاستحقاق، وهو مفسد عند الشافعي.
وكأن هذا القائل لا يصحح الإجارةَ على نعت الشيوع، إلا حيث يُتصور الوصول إلى الانتفاع على الاشتراك، من غير تقطيع، وهذا كالرجلين يستأجران بعيراً على أن يحمّلاه محمَلاً ويركبانه جميعاً، فهذا مسوغٌّ لا دافع له، فأما إذا كان لا يتأتى اجتماعهما للركوب (٣) والانتفاع، وكان سبيل الانتفاع التعاقب، فالإجارة فاسدة؛ فإن العقد إنما يصح إذا كان يصح استيفاء المعقود فيه (٤) على وجه يطابق الشريعة.
هذا إذا استأجرا على الشيوع، ولم يتعرضا في العقد لصيغة التقطيع.
(١) عبارة (د ١): والصحيح إذا لم يجر لفظ التقطيع في العقد - أنه يصح.
(٢) (د ١): وفصلناها من قيل فيها.
(٣) (د ١): في الركوب.
(٤) (د ١): عليه.