فصل
قال: " وإن تكارى دابة من مكة إلى بطن (١) مَرّ، فتعدى بها إلى عُسفان ... إلى آخره " (٢).
٥١٣١ - صورة المسألة أن يكتري دابة ليركبها إلى موضعٍ معلوم، فإذا انتهى إلى ذلك الموضع، وتعدّاه راكباً للدابة، وذلك بأن يكتريها للذهاب إلى ذلك الموضع فحسب، من غير رجوع من ذلك الموضع إلى مكان الإجارة، فإذا كان كذلك، فكما (٣) انتهت الدابة إلى المنتهى المذكور، فقد انتهت الإجارة، ولا يجوز للمستأجر أن يركبها بعد ذلك، وعليه أن يسلمها للمالك إن كان معه المالك، أو إلى نائبه.
فإن لم يكونا حاضرين في ذلك المكان، سلّم الدابة إلى حاكم البقعة، فإن لم يتمكن من شيء من ذلك، فحكمه حكم المودَع إذا كان يضطر إلى مفارقة البلدة والانجلاء منها، وكان لا يجد من يودع الوديعةَ عنده، ولم يجد أيضاًًً حاكماً يراجعه، فلا وجه إلا أن يسافر بالوديعة، كذلك القول في المسافرة بالدابة بعد انتهاء الإجارة نهايتها، فيسوقها أو يقودها راجعاً، ولا ينتفع بها.
٥١٣٢ - فلو جاوز المكانَ المعلومَ، وتعدّاه راكباً منتفعاًَ بالدابة، فقد تعدى إذا فعل ذلك، وصار غاصباً للدابة، ودخلت في ضمانه فيغرَم أجر المثل بعد انتهاء الإجارة.
فإن تلفت الدابة في يده، ضمنها بأكثر قيمتها من يوم التعدي إلى يوم التلف، وكذلك يغرم أجر المثل لمدة العدوان، فلو رد الدابة إلى المكان المعلوم المعيّن في الإجارة، لم يخرج عن الضمان.
وهذا جارٍ على قياسنا؛ فإنا نقول: المودَع إذا تعدى في الوديعة، ثم كف عن
(١) في النسختين (إلى مرّ) والزيادة من مختصر المزني. وبطن مَرّ: بفتح الميم وتشديد الراء: من نواحي مكة، عنده يجتمع وادي النخلتين، فيصيران وادياً واحداً. (ياقوت الحموي).
(٢) ر. المختصر: ٣/ ٨٣.
(٣) "فكما": بمعنى (فعندما).