المستأجر الدابة، فإنا لو لم نحسب عليه تلك المدة، لكان ذلك تضييعاً للمنفعة على المكري، وإسقاطاً لحقه.
وهذا الذي ذكروه وإن كان في ظاهره بعضُ الإخالة، فلا وجه عندنا في القياس إلا ما ذكره المراوزة. وهذا واضح لا إشكال فيه على المتأمل (١).
٥١٤٤ - ولو استأجر دابة وقبضها، ثم تعذَّر عليه المسافرة عليها، واحتبست عنده مدةً تسع المسافرة لو أمكنت، فالأجرة تتقرر عليه؛ فإن المنافع فاتت (٢) تحت يده.
وكل ما ذكرناه فيه إذا كانت الإجارة واردةً على العين.
٥١٤٥ - فأما إذا كانت واردةً على الذمة، فالإجارة الواردة على الذمة تقبل التعجيل والتأجيل، فإن كانت معجلةً، فلم يسلّم المكري حتى مضت مدة، لم تنفسخ الإجارة وبقي الدين مستقراً في الذمة؛ فإن الإجارة ليست تعتمد عيناً حتى يُفرض انفساخ العقد بضياعٍ وتلفٍ فيها، وهذا بيِّنٌ، لا شك فيه.
ولو سلم المكري في إجارة الذمة دابةً إلى المكتري على شرط الاستحقاق، فحبسها، حُسبت المدةُ عليه؛ فإنَّ حقه تعين بتسليم الدابة، فلم يفترق الأمر في حقه بين أن يكون أصل العقد على العين، أو على الذمة.
وهذا واضحٌ، لا إشكال فيه.
٥١٤٦ - وقد يتصل بهذا الفصل القول في ثبوت الخيار في الإجارة، ثم الكلام في أن الخيار إذا ثبت، فالمدة من أي وقتٍ تُحتسب.
وهذا قد استقصيناه في أول كتاب البيع على أبلغ وجهٍ في البيان، فليطلبه في فصول الخيار من يريده.
(١) في الأصل: التأمل.
(٢) (د ١): تلفت.