وهذا وما يدانيه لا ثبات له.
٥١٤٨ - وذهب المحققون من أئمتنا إلى قطع القول بأن مدة الإجارة مردودة إلى التراضي، ولا تعبّد فيها، ولا ضبط، ولكن يجب أن يؤاجر كلُّ شيء مدةً يُعلم بقاؤُه فيها، أو يظن ذلك، فإن كانت المدة بحيث يُقطع بأن المستأجَر لا يبقى فيها، فالإجارة مردودة، وإن كان يغلب إمكان البقاء فيها، صحت الإجارة، وإن غلب على الظن أن العين لا تبقى فيها، وأمكن البقاء على بُعدٍ، ففي المسألة احتمالٌ، والأظهر التصحيحُ.
وهذا القائل يحمل ذكر الثلاثين على وفاقٍ أجراه الشافعي في محاولةِ (١) بيان تطويل المدة. وقد يُجري المبيِّن عدداً على قصد المبالغة، ولا يبغي تقديراتها، وهو كقوله تعالى: إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ التوبة: ٨٠.
ومما يجب التنبيه له أن القول الثالث في طريقة الأقوال، وهو القول المنقاس المحكي عن الدعاوى، محمول على ما وقع القطع به في هذه الطريقة لا محالة.
٥١٤٩ - ثم من أجر شيئاًً سنة لم يلزمه بيان حصة كل شهر من الأجرة. وإذا آجر سنين، ففي المسألة قولان: أحدهما -وهو القياس- أنه لا يلزمه أن يبين حصةَ كل سنة منها، كما لو اشترى عبيداً صفقةً واحدةً؛ فإنه لا يجب بيان ما يخص كلّ واحد من العبيد.
والقول الثاني - أنه يجب أن يُبيّن ما يخص كلَّ سنة من الأجرة؛ لأن في ذلك تقليلَ الغرر، وقد يُفرض تلف المعقود عليه، ومسيس الحاجة إلى تقسيط الأجرة المسماة على ما مضى وبقي، فإذا كانت الحصصُ مُبيّنةً، هان دَرْكُ المقصود، ووقع الاكتفاء بنص العقد عن طلب الحصص بالاشتهار، وقد يعسر البحث عن الأُجَر في الأزمنة
=وساعد على ذلك الاختيار ورجحه قول الرافعي: " .. لأنها نصف العمر، والغالب ظهور (التغيير) على الشيء بمضي هذه المدة ". فتح العزيز: ٦/ ١١١. والمعنى أن مدة الثلاثين هي أقصى مدة يتخيل فيها بقاء الحال على ما هو عليه، والآن نحن نقول: إن الحياة يتغير وجهها كل ثلاثين سنة؛ حيث ينتهي جيل، وينشأ جيل في نحو هذه المدة.
في الأصل: يعقب.
(١) في الأصل: مجاوزة.