٥٢٣٠ - ومما يتصل بذلك أن المكتري الراكب قد ينزل بالرواح، ويمشي مقداراً، فإن وقع فيه شرط على المكتري، فقد قال الأصحاب: يلزمه اتباعُ ذلك الشرط، وهذا يعترض فيه إشكال، وهو أنه إذا قُدّر ذلك مستحقاًً، رجع استحقاق الركوب إلى بعض المسافة، وينقطع الأمر فيه، ويقع في تفريع كراء العُقَب (١)، وقد تَفَصَّل ذلك فيما مضى.
وذهب طوائف من أصحابنا إلى احتمال هذا القدر -وإن منعنا كراء العُقَب (٢) - بناءً على التساهل، وهذا إنما يحسن إذا لم يكن النزول محتوماً.
هذا إذا جرى شرطُ النزول، فإن لم يَجْرِ، فقد ذكر الأصحابُ وجهين: أقيسهما - أنه لا يلزمه النزول؛ فإنّ لفظَ الاكتراء للركوب يقتضي استدامةَ الركوب، فالتعلق بموجب اللفظ أولى.
والوجه الثاني - أنه يلزمه النزول، ولفظ العقد ينزل على العادة. وهذا مزيّفٌ؛ فإن العادة لا تقضي بإلزام النزول، بل هي جاريةٌ بالتبرع بالنزول، ثم قرّبَ القاضي الوجهين في هذا المقام من القولين في المعاليق؛ فإن تفصيل المذهب فيها دائر على اللفظ والعادة، كما تقدم.
فصل
قال: " وعليه أن يُركِبَ المرأة، ويُنزلَها عن البعير، والبعيرُ بارك ... إلى آخره " (٣).
٥٢٣١ - قال الأئمة: إن كانت الإجارة واردةً على العين، فلا يلزم مالك الدابة الإركاب، والإنزال وإناخة البعير، وإنما عليه تسليمُ الدابة المعيّنة.
وإن كان العقدُ وارداً على الذمة، وقد التزم المُكري تبليغَ الراكب المنزلَ المعيّنَ،
(١) في الأصل: العُقبة، وهي مفرد العقب، وقد مرّ شرحها آنفاً.
(٢) في الأصل: العقبة.
(٣) ر. المختصر: ٣/ ٨٤.