فلو عمل في العين ما أُمر به، ولم يزد، فأدى ذلك إلى عيبٍ، فلا يجب ضمان ذلك، وينزل ذلك منزلة ما لو لبس المستعيرُ الثوبَ وأبلاه (١)؛ فإن المذهب أن ضمان الأجزاء البالية لا تجب، ولو تلف الثوب بآفةٍ، وجب ضمانُه على المستعير. وهذا ظاهرٌ في الأجير، ولا ينبغي أن يقدَّر خلافٌ في أن الأجير لو فصَّل الثوبَ النفيسَ وقطّعه، فانتقصت قيمته بالقطع أنه لا ضمان عليه، فإذا جرى ذلك في النقصان الذي يوجبه القطع، فغيره بمثابته إذا اقتصر العامل على امتثال الأمر، وقد قررتُ هذا في (الأساليب) (٢).
هذا بيان عقد المذهب في تضمين الأجراء.
٥٢٦٢ - ثم إن الشافعي ذكر مسائلَ، وبين فيها عملَ الأجراء، وتعدّيهم (٣) واقتصادهم، ونحن نذكرها، ولكن حظَّ الفقيه في جميعها ما قدّمناه، من أنه إن اعتدى، ضمن، وإن لم يعتد واقتصد، فالذي أطلقه الأصحاب تخريجُ ذلك على أن يدَ الأجير يدُ أمانة، أو يد ضمان.
والذي نراه في القياس الجلي أنه لا يضمن ما يقتضيه عملُه المأذون فيه، كما ذكرناه في بلى الثوب باللُّبس المأذون فيه للمستعير.
وإذا تمهدت القاعدة شرعنا بعدها في المسائل، ونُفرد لكل مسألة فصلاً، ونوضِّح ما يليق به.
فصل
قال: " إذا استأجر من يحجمه، أو يختن غلاماً له، أو يبيطر دابته ... إلى آخره " (٤).
٥٢٦٣ - إذا استأجر من يحجمه، فلم يقصّر الحاجم، فأدى إلى سبب محذور،
(١) (د ١): وأبلاه بالإذن.
(٢) الأساليب: اسم كتاب في علم الخلاف لإمام الحرمين. وقد تكرر ذكره مراراً.
(٣) تقدير من المحقق، مكان كلمة بالأصل رسمت هكذا: " وبعد خيطهم " فهل هي كناية عن التعدي. وقد خلت (د ١) من الكلمة.
(٤) ر. المختصر: ٣/ ٨٥.