٥٤٤٥ - فلو وقع العلم بما ذكرناه، فجرى اكتراء مثل هذه الأرض مطلقاً، من غير تعرضٍ للزراعة، أو لجهةٍ أخرى من الجهات التي أشرنا إليها، فالإجارة صحيحة محمولة على الانتفاع الممكن، كما سنذكره في التفريع.
٥٤٤٦ - وذكر العراقيون وجهاً بعيداً أن إطلاق الإجارة (١) لا يصح من غير ذكر حالِ الأرض في أنها لا ماء لها، ثم إنهم كما نقلوه زيفوه، وهو لعمري ضعيفٌ، حريٌّ بالتزييف؛ فإن الغرض من ذكر ما يُذكر الإفادةُ، ولا إفادة في التقييد، مع القطع بأن مثل هذه الأرض لا يتصور أن يكون لها ماء في مطّرد العرف.
٥٤٤٧ - فليقع التفريع على صحة الإجارة المطلقة. ثم المكتري يتسع في الجهات الممكنة من الانتفاع، ولا يمنع عن شيء منها؛ فإن الأرض تحتمل جميعَها، فلا منعَ منها، وإنما يمنع المكتري من تغيير جِرْم الأرض بحفرٍ أو غيره. وهذا متفق عليه، بين الأصحاب.
وما ذكره العراقيون وجهاً ضعيفاً ليس يقتضي تعيينَ جهة الانتفاع ذكراً، وإنما يشترط ذلك القائل التعرضَ لذكر انتفاء الماء، فأما التنصيص على تعيين جهة الانتفاع، فلم يصرْ إليه أحد، فليفهم الناظر ذلك.
وهذا كلام في قسم واحد، وهو إذا كان لا يتصوّر للأرض ماءٌ يستقلّ الزرع به.
٥٤٤٨ - فأما القسم الثاني، وهو أن تكون الأرض بحيث قد يُرجى لها ماءٌ، ولا يأس منه، ولكن لم يكن لها شِربٌ معلوم، فإذا (٢) كان كذلك، فلو استأجرها وذكر في صلب العقد أنه لا ماء لها، فالقول في هذا القسم، يتنوع:
٥٤٤٩ - فنقول: إن اكتراها للزراعة بناءً على إمكان الماء على بُعدٍ، فلا خلاف بين الأصحاب أن الإجارة فاسدة؛ إذ لا ثقة على الظهور بالماء، الذي لا بد منه للزرع؛ فكانت جهة الزراعة فاسدةً، لم يختلف الأصحاب فيها.
(١) (د ١): الجارية.
(٢) في الأصل: وإذا.