وإن كان الماء الواقف مانعاً من الزراعة في الوقت، ولكنه كان ينحسر (١) لا محالة في وقت الحاجة إلى الزراعة، فالذي نص عليه الشافعي، وقطع به معظمُ الأصحاب أن الإجارة صحيحة، والماء القائم على الأرض ليس مانعاً من الانتفاع في وقت الحاجة، وهو فيما قيل: ينفع، ويُعفِّن (٢) ما في الأرض من عروق العُشب.
٥٤٧٢ - وذكر العراقيون في المسألة وجهاً بعيداً: أن الزراعة إذا كانت ممتنعةً بالماء الواقف، فالإجارة (٣) غيرُ صحيحة.
وهذا نقلوه وزيّفوه، والأمر على ما ذكروه.
٥٤٧٣ - والفصل على ظهوره ملتبسٌ لا بدّ من كشفه (٤)، فنقول:
لم يختلف الأصحاب في صحة استئجار الأرض للزراعة، وإن كانت الإجارة لا تستعقب إمكانها في الحال، وإنما تنشأ الزراعة بعد تاريخ العقد، وليس ذلك من استئخار الانتفاع عن العقد، حتى يقال: الإجارة إذا تقدّمت على وقت الزراعة، وإمكانُ الانتفاع متأخرٌ، فيكون كاستئجار الدار (٥) الشهرَ القابل.
والفرق بين ما جوّزناه، وبين ما منعناه، أن الإجارة إذا صحت في الأرض، ثبتت (٦) يد المستأجر عليها، واستمر احتكامه فيها بالإمساك، والإجارة إن تنشأ، فتأخر (٧) الزراعة غيرُ ضائر، والعقد إذا أضيف إلى زمانٍ في الاستقبال، كان في حكم المعلّق به، ولا يثبت للمستأجر استحقاقٌ ناجزٌ.
فإذا بأن هذا، فإنا نقول:
(١) سقطت من الأصل.
(٢) يعفن ما في الأرض من عروق العشب: أي ما تحت السطح من بقايا جذور الزرع السابق، بل وما تناثر على السطح. وتعفّنه يحوله إلى سماد نافع. كما يعرف ذلك أهل هذا الشأن.
(٣) ساقطة من الأصل.
(٤) (د ١): لا كشف فيه.
(٥) (د ١): الدابة.
(٦) في الأصل، كما في (د ١): وثبتت. وحذف الواو تصرّف منا، لاستقامة العبارة.
(٧) في الأصل: شاء وتأخر.