المكتري وإن كان يتضمن ذلك اجتماعَ الإجارة وملكَ الرقبة في حق شخصٍ واحد، وهذا ظاهر في التناقض.
وأراد بعضُ أصحابنا الانتصار لابن الحداد، وتصويبَه في تصحيح الاكتراء من المكتري، مع مصيره إلى أن الإجارة تنفسخ إذا طرأ عليها حصول الملك في الرقبة للمكتري، وهذا (١) لا ينتظم قط. وإن تخيّل متخيلٌ شيئاً، لم يصبر على السبر.
فرع:
٥٥٦٠ - قد تمهد أن الرجل إذا اكترى دابة معينة، وعيّن لركوبها عبداً من العبيد، فلو أراد أن يُركب عبداً آخر مثلَه، جاز له ذلك، إذا كان الثاني في مثل حال الأول، وهو كما لو اكترى أرضاً ليزرعها قمحاً، فزرعها شعيراً، ويخرج من ذلك أنه لو تلف ذلك العبد المعيّن والإجارة واردة على عين الدابة، لم تنفسخ الإجارة، ولكن يبدل المستأجر (٢) بعبد آخر؛ فإن لم يفعل، والدابة (٣) في يده، فانقضت المدة التي تسع مقصود الإجارة، فقد استقرت عليه الأجرة، وهو الذي عطل حق نفسه.
وبمثله ما لو اكترى دابة في الذمة من غير تعيين، وشرط أن يُركبها عبداً عيّنه، فلو تلف ذلك العبد المعيّن، فهل تنفسخ الإجارة؟
ما صار إليه ابن الحداد أن الإجارة تنفسخ في هذه الصورة؛ فإنه لم يتعيّن في المعاملة إلا العبد المعيّن، فهو متعلَّقُ العقد، فإذا فات (٤) مَنْ تعلق به تعيُّنُ العقد (٥)، انفسخ، ونزل في هذه الصورة منزلةَ تلف الدابة المعيّن في الإجارة الواردة على عين الدابة.
٥٥٦١ - ونصُّ الشافعي يدلّ على ذلك في كتاب الصداق؛ فإنه قال: " لو أصدق امرأته خياطةَ ثوبٍ معين، ثم تلف ذلك الثوب، فالرجوع إلى مهر المثل"، ولولا أنه
(١) (د ١): ولا ينتظم ذلك قط.
(٢) في الأصل: المستأجرة.
(٣) في الأصل: والدابة والدار في يده.
(٤) (د ١): مات، والمعنى واحد.
(٥) في الأصل نفس العبد.