٥٧٣٤ - ولو شرط الواقف حق التولِّي لرجلٍ عينه، فهو المتولِّي، إذا كان مستجمعاً للشرائط المرعية، وسبيل ذكره الأجنبي كسبيل إثباته في الوقف حظاً لمن يريد أن يُثبت له حظاً، فشرط التولِّي للغير كشرط قسط من الريع.
وشرطُ الواقف التولِّي لنفسه يؤخد بما تمهد من كون الواقف أولى بتربية صدقته التي تقرب بها؛ فإنا لو حملنا التولِّي في حقه على إثباته حظّاً لنفسه، وقعنا في وقف الرجل الشيء على نفسه، أو صرفه قسطاً من الريع إلى نفسه.
وسيأتي هذا متصلاً بهذا الفصل.
ويجوز أن يقال: نَصْبُه أجنبياً صادر مما ثبت له من حق القيام، ثم له أن يستنيب غيرَه مناب نفسه. هذا إذا وقع التعرض لذكر من يتولى الوقف.
٥٧٣٥ - فأما إذا كان الوقف على جهة القربة مطلقاًً، من غير تعرضٍ لمن يتولى الوقفَ، فلأصحابنا طريقان: منهم من قال: أمر التولِّي يُبنى على الملك، فإن حكمنا بأن الملك فىِ الرقبة للواقف، فله حق التولِّي، وإن قلنا: الملك في الرقبة زائل إلى الله تعالى، فحق التولّي للسلطان. وهذا ظاهر المذهب.
ومن أصحابنا من قال: حق التولِّي للواقف، وإن قلنا: الملك لله تعالى، فإن الوقف تقرب، والقيام عليه تتمة للقربة، فكان مفوَّضاً إلى المتقرِّب.
والأصح الطريقة الأولى.
٥٧٣٦ - ثم شرط القائم في الوقف الذي هو قربة أن يكون مستصلحاً للقيام، ولذلك
شرطان: أحدهما - الأمانة. والآخر - الكفاية. ولو انخرم أحدهما، تسلط السلطان عليه، حتى لو كان الواقف شرطَ لنفسه التولِّي، ثم اختل فيه الوصفان، أو أحدهما، لم يتركه السلطان، على ما سنصف في آخر الفصل في القول في العزل والانعزال.
هذا في الوقف على الجهات، والوقف عليها لا يكون إلا قربةً.
فلو وقف على الأغنياء شيئاً، فقد اضطرب أصحابنا فيه: فمنهم من أبطل الوقف، ومنهم من صححه.