فصل
في وطء الجارية الموقوفة في الجهات التي يجري الوطء فيها، مع ما يُفضي الوطء إليه من العلوق.
٥٧٧٣ - فنقول في مقدمة الفصل: لا خلاف أن الموقوف عليه لا يستبيح وطء الجارية الموقوفة، وإن حكمنا بانه يملك رقبتها، وسنبين أنه مالك منفعة بضعها، من جهة صرفنا المهرَ الواجبَ على الواطىء بالشبهة إليه، فهذا متفق عليه بين الأصحاب.
٥٧٧٤ - ثم اختلفوا في أن الموقوفة هل تزوج؟ فقال بعضهم: يجوز تزويجها، كما يجوز تزويج المستولدة، وإن امتنع (١) بيعُها.
وقال آخرون: لا يصح تزويجها؛ فإنها قد تلد إذا وطئها الزوج، ثم يُفضي ذلك إلى هلاكها، والوقف لازم، فينبغي أن تحرم الأسباب المؤدية إلى رفعه. وهذا كتحريمنا وطءَ المرهونة على الراهن، وأيضاًً: فإن القول في ملكها مضطرب، ويُشكل بسببه من يزوّجها.
فإن حكمنا بأنها لا تزوج، فلا كلام.
٥٧٧٥ - وإن حكمنا بأنها تزوّج، فمن يزوّجها؟ قال الأئمة: هذا يُخرّج على الأقوال في الملك؛ فإن حكمنا بأن الملك زائل إلى الله تعالى، فيزوّجها القاضي.
واختلف الأئمة في أنه هل يستشير في تزويجها الواقفَ والموقوفَ عليه؟ فمنهم من قال: لا بد من استشارتهما، ولا يصح النكاح دون رضاهما.
ومنهم من قال: ينفرد القاضي بتزويجها على حسب النظر، ولا يستشير. وهذا ضعيفٌ، لا اتجاه له، لما ذكرناه من إفضاء التزويج إلى العلوق والطلق، ونقصان الوِلاد (٢).
(١) في الأصل: عسر بيعها.
(٢) الوِلاد: "الحَمْل. يقال: شاة (والد) أي حامل بينة الولادة، ومنهم من يجعلها بمعنى
الوضع" (المصباح).