ولو وقف شيئاً على مصارف الزكاة، صح، وحمل ذلك على الصرف إلى الأصناف المذكورين في كتاب الله تعالى، إلا العاملين والمؤلفة، أما العاملون، فلا شك في خروجهم، وأما المؤلفة، ففيهم تفصيل سيأتي مشروحاً في قَسْم الصدقات، إن شاء الله تعالى، فإن رأيناهم من جهات الخير، لم يمتنع صرف الوقف إليهم.
فرع:
٥٨١٤ - إذا قال: وقفت على جهة الثواب، فقد ذهب ذاهبون إلى أن هذا محمول على الوقف على الأقارب، ولو وقف على جهة الخير، صُرف إلى مصارف الزكاة على التفصيل الذي ذكرناه، مع استثناء العاملين، كما سبق، ويصرف إلى قِرى الضيفان، أورده شيخي كذلك، وذكره العراقيون على هذا النحو، ففصلوا بين الثواب والخير.
ثم خصصوا كلّ لفظ بما ذكرناه، فالذي نحققه أن الخير رأوا صرفه إلى مصارف القربات الثابتة في الكتاب والسنة، وهي محصورة في مصارف الصدقات، وقِرى الضيفان.
ورأيت في بعض التعاليق المعتمدة عن شيخي أنه لا فرق بين لفظ الثواب والخير، وحكى في ذلك نصَّ الشافعي.
وذكر بعضُ المصنفين أن الفرق بين الثواب والخير مذهبُ بعض السلف. ولا فرق في ذلك عندنا.
وذهب معظم القياسين إلى أن الثواب والخير لا يختصان بجهة من جهات القُرب، ولكنهما يحملان على جميع جهات الخير. وهذا هو الحق الذي لا يجوز غيره ولا ينقدح فيه تردد، إلا في شيء.
٥٨١٥ - وهو أن رَيْع الوقف لو فرض جمعه وبناء رباطٍ به، أو مسجدٍ، فهو من جهات الخير، ويحتمل أن يقال: لا يحمل الوقف على هذا؛ فإن العادةَ ما جرت به، وإنما العرف الجاري في إخراج الريع إلى من ينتفع به، فأما اقتناء عقاراتٍ، وبناء مساجدَ، فليس مما يعتاد، والقول الضابط عندنا في الباب اتباع اللفظ في عمومه وخصوصه، إلا أن يتحقق عرفٌ مطردٌ مقترنٌ باللفظ، فيحكم العرف في اطراده، على تفاصيلَ مضت.