وقال بعضهم: يحصل الملك بانقضاء سنة التعريف، وقصد التملك.
وقال بعضهم: لا بد من التلفظ بالتملك.
وقال بعضهم: لا بد من مضي السنة، ولفظِ التملك، والتصرفِ الذي يزيل الملك.
وهذا يقرب من الخلاف المذكور في أن المستقرض هل يملك القرض بنفس الإقراض والقبض، أم يتوقف حصول ملكه على تصرفٍ منه مزيل للملك، (١ ثم يَبين أن الملك انتقل إليه قبيل التصرف؟ فيه اختلافُ قولٍ، قدّمنا ذكره في أحكام القروض ١).
ونحن نوجه هذه الوجوه، ثم نذكر حقائقها، وما ينشأ منها: أما من صار إلى أن مضي السنة يُثبت الملك، فإنه يستدل بما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في بعض الروايات: " فإن جاء صاحبها، وإلا فهي لك ".
ومن قال: إن الملك يحصل بالقصد، تعلّق بالرواية المشهورة، فإنه صلى الله عليه وسلم قال: " فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها " وهذا ظاهر في التخيير بين التملك وتركِه.
ومن اعتبر اللفظ، بناه على استبعاد التملك بمجرد النية.
ومن اعتبر التصرف، خرّجه على قاعدة القرض؛ فإن اللقطة تملّك ملك القروض.
هذا بيان الأوجه، وذِكرُ ما يستند إليه كل وجهٍ.
٥٩٠٥ - ونحن نقول بعد ذلك: من زعم أن الملك يحصل بمضيّ سنة التعريف إنما يقول ذلك إذا لم يقصد الملتقط حفظَ اللقطة على مالكها، فإن التقط على هذا القصد وعرَّف لهذا، فلا شك أن مضيَّ السنة لا يثبت له الملك. وكذلك لو قصد بالالتقاط التملك، ثم تغير قصدُه في آخر السنة، فانقضت وهو على أن يحفظها لمالكها، فالملك لا يحصل بانقضاء السنة.
(١) ما بين القوسين سقط من (د ١)، (ت ٣).