ووجه ما ذكرته أن الشعور على هذا القول من الجمادات، ولا حكم لاتصالها بالحيوانات، فكأنها جمادٌ منفصل عن الحيوان، وليس له حكم الجُزئيةِ؛ فلا يلحقها حكم تغليظ الكلب.
وإن فرّعنا على القول الثاني، فلا شك في نجاسة شعر الكلب والخنزير.
٣٦ - فأما ما عداهما من الحيوانات، فنذكرها في قسمين:
أحدهما - فيما سوى الآدميّين.
والثاني - في الآدميين.
أما القسم الأول - فالشعور المتصلة بالحيوانات الطاهرةِ العيون طاهرةٌ. وإذا ماتت، فإنها تنجس بنجاشة الجُثّة؛ إذ هي من أجزائها على هذا القول. ثم إذا دُبغت الجلودُ وطَهرت، فهل تَطهر الشعورُ تبعاً لها، كما كانت طاهرة في الحياة؟
فعلى قولين: أحدهما - لا تَطهر؛ فإن المعتمد في طهارة جلود الميتات بالدِّباغ؛ الخبرُ؛ وقد اقتصر رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذكر الإهاب في أخبار الدِّباغ؛ وأيضاً لا أثر للدِّباغ في الشعور؛ فإنه لا يغيّر صفتها.
والقول الثاني - حكاه الربيع بن سليمان الجيزي (١) عن الشافعي: أنها تطهر تبعاً؛ فقد رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا بأس بمَسْك الميتة إذا دُبغ،
= واو مفتوحة، ثم راء مضمومة مشدّدة، ثم واو ساكنة، ثم ذال معجمة، نسبة إلى مرو الروذ.
وقد يقال له المرُّوذي تخفيفاً، صدرٌ من صدور الفقه كبير، وبحرٌ من بحار العلم غزير، ويعرف
في كتب المذهب بالقاضي أبي حامد، بخلاف الشيخ أبي حامد الإِسفراييني. صحب أبا إِسحاق المروزي، وكتابه (الجامع) أمدح له من كل لسان ناطق، وعنه أخذ فقهاء البصرة.
توفي سنة ٣٦٢ هـ (ر. تهذيب الأسماء واللغات: ٢/ ٢١١، طبقات السبكي: ٣/ ١٢، ١٣، وطبقات الفقهاء: ١١٤).
(١) الربيع الجيزي، الربيع بن سليمان، أبو محمد الأزدي المصري الأعرج، أحد أصحاب الشافعي، وحملة علمه، ورواة كتبه، له ذكرٌ في المهذب في موضع واحد فقط في روايته عن الشافعي طهارة الشعر تبعاً للجلد، وذكر في الروضة في كتاب الشهادات في روايته عن الشافعي كراهة القراءة في الألحان (طبقات السبكي: ٢/ ١٣٢، وتهذيب الأسماء واللغات: ١/ ١٨٧).