هذا محتمل يجوز أن يقال: إنه يُخير، كما ذكرناه، ويجعل اختياره أولى من القرعة، ويجوز أن يقال: لا يخير؛ فإن اختيار المولود أحد الوالدين على سن التمييز محمول على ميله إلى أحدهما، ولا يبعد ذلك في الأبوين، فأما ميل الطفل اللقيط إلى أحد الملتقطَيْن، فليس له معنى (١) يعوّل عليه.
٦٠٦٤ - ومما يتعلق بذلك أنا لو صادفنا صبياً بالغاً مبلغ التمييز، وكان في حكم اللقيط، على معنى أنه ليس يتبين له أب ولا أم، فهل يثبت له لمن يَبْتَدِرُه حقُّ الاحتضان، كما يثبت في اللقيط الذي لم يبلغ مبلغ التمييز؟ هذا فيه تردد عندي، واحتمالٌ: يجوز أن يقال: لا يثبت لآحاد الناس فيه حق الاحتضان، وهو مميّز، بل يتولى الحاكم أمره لا غيره، ويختص به منصوبُ القاضي.
ويجوز أن يقال: حكمه في الاحتضان حكم الصبي الذي لا يميز؛ فإن تمييزه لم سبت له حقَّ الاستقلال، فلا أثر له.
وإنما (٢) ورد الشرع في التقاط منبوذ على صورة الضياع، والمميز له حق الاستقلال؛ من جهة تمييزه؛ إذ يمكن مراجعتُه على حالٍ، وهو يشبه من أحكام اللقطة ضالة الإبل.
هذا منتهى تفريع الفصل.
فصل
قال: " فإذا أعرب، فامتنع عن الإسلام، لم يبن لي أن أقتله، ولا أجبره على الإسلام ... إلى آخره " (٣).
٦٠٦٥ - هذا الفصل من القواعد، ومضمونه بيان أحكام التبعية في الإسلام.
ونحن نجمع فيه ما يتعلق به، ونستوعب الأطراف مستعينين بالله تعالى.
٦٠٦٦ - ونقدم أولاً بيان ما يحصل به الإسلام. ونقول: الناس في الإسلام
(١) في الأصل: وجه.
(٢) هذا الكلام عودٌ إلى نصرة الوجه الأول.
(٣) ر. المختصر: ٣/ ١٣٣.