وهذا فيه بعضُ الغموض، من جهة أن الطفلَ إذا كان ذا أبوين، ولم (١) يكونا معه، ثم أتبعناه السَّابي، للرق الطارىء، وحكمنا بأنه في حكم المُقْتَطَع عما كان عليه، فكأنه ولد جديداً، فكان لا يبعد ألا يبالَى (٢) بكون الأبوين معه. ولكن لم يختلف أصحابنا فيما ذكرناه، وكأن الأمر مبنيّ على ألا نبحث عن أبويه، وعن كفرهما، وبقائهما وموتهما.
ولو سُبي الطفلُ مع أبويه، أو مع أحدهما، وامتنعت التبعيّة (٣)، فلو مات الأبوان بعد السبي، فلا يُحكم بالإسلام؛ لأن السَّبي في أصله لم ينعقد مُستتبِعاً، فلا استتباع بعده.
فإذا ثبت ما ذكرناه، فحكم الطفل التابع للسَّابي حكم الطفل التابع لأبويه في الإسلام، في جميع ما ذكرناه، فلا معنى للإعادة إذا كان لا يفترق البابان.
٦٠٨٨ - فأما الجهة الثالثة - وهي استتباع الدَّار، فإنا نقول: الدار قسمان: دار الإسلام ودار الشرك.
فأما دار الإسلام، فقد قسمها المرتّبون ثلاثة أقسام:
أحدها - دارٌ يقطنها المسلمون، وهي تحت قبضة الإسلام، فإذا وجد فيها لقيط، واستبهم نسبه، فإنا نحكم بإسلامه ظاهراً سواء كان الغلبة للمسلمين فيها أو للمشركين. والحكم بالإسلام أمرٌ أطلقناه، وتفريع الأحكام نفصله.
٦٠٨٩ - وقسمٌ هو تحت قبضة الإسلام، ولكن كان لا يسكنها إلا المشركون، وهي دار افتتحها المسلمون، واستوْلَوْا عليها، وأقروا أهلَها فيها. فإن كان يساكنهم مسلمون، أو مسلم واحد، فحكم اللقيط الذي لا نسب له- الإسلامُ. وهذا بعينه القسمُ المُتقدِّم؛ فإنا قد ذكرنا أنه لا نظر إلى غلبة أهل الذمة وكثرتهم.
وإن كان لا يساكنهم مسلم أصلاً، فاللقيط المنبوذ منهم نحكم له بالكفر، لم يختلف فيه أئمتنا.
(١) في جميع النسخ: وإن لم.
(٢) (د ١)، (ت ٣): أن يبالى.
(٣) وامتنعت التبعية: أي للسابي.