ومن أصحابنا من اكتفى بهذا القدر، ووجهه: أن الشهادة على الملك مطلقاً مقبولة في غير مواضع النزاع، وإنما رددنا الإطلاق في اللقيط خشية أن يُسند الشاهد الشهادة على الملك إلى اليد الحاصلة بالالتقاط. فإذا جمع الشاهد إلى الشهادة بالملك أن أمته ولدته، فقد قطع الوهمَ الذي عليه بنينا ردّ الإطلاق، ثم ذِكْرُه الملكَ مع الولادة مصرحٌ بأنها ولدته ملكاً له.
التفريع على هذين الوجهين:
٦١٦٠ - إن اكتفينا بهذا التقييد، فلا كلام.
وإن لم نكتف به، فينبغي أن يقول: ولدته أمتُه مملوكاً له في ملكه، ولو قال: ولدته أمتُه في ملكه، لم يكفِ ذلك. والمطلوب عند هذا القائل التصريحُ بسبب الملك، على وجه لا يبقى للاحتمال مساغ.
قال صاحب التقريب: ما ذكره الأصحاب، ودلّ عليه ظاهرُ النص من أنه لا يقع الاكتفاء بالشهادة على الملك المطلق، ولا بد من ذكر الولادة على التقييدات التي ذكرناها- ليس تعييناً (١) منهم لهذا السبب؛ حتى لا (٢) يسوغ غيره؛ فإن أسباب الملك شتى. ولكن اتفق التنصيص على هذا السبب، ثم أغرق الأصحاب في ذكر ما يحتمله هذا السبب من جهات الاحتمال، ورأَوْا قطعها وردّها إلى جهةٍ لا يتقابل فيها احتمالان ويتعين وجه حصول الملك.
فلو قال الشاهد؛ هذا رقيقه، ورثه من أبيه ملكاً، أو اشتراه، أو اتهبه من مالكه، فكفي ذكر سبب من هذه الأسباب؛ فإن المحذور في اشتراط التقييد ما كرَّرْناه من ظن الشاهد أن يد الملتقط يدُ ملكٍ، فمهما أسند الملك إلى جهة أخرى، فقد جانب المحذور، ودرأ الشبهة والتهمة.
وما عندي أن أحداً من الأصحاب يخالف صاحب التقريب فيما ذكر. ولكن من تأمّل صيغة النص، و فحوى (٣) كلام الأئمة، فَهِمَ أنهم يشترطون إسناد الشهادة إلى
(١) (د ١)، (ت ٣): تغليباً.
(٢) ساقطة من الأصل.
(٣) في الأصل: تحرى.