بالجناية؟ قلنا: لا نورثه؛ فإنا لم نتحقق حياتَه، وتوريثُه موقوف على تحقق حياته عند الانفصال، فأما إيجاب الغرّة على الجاني، فليس يتعين له تقدير حياة الجنين؛ فإنا لو قدرناها، لأوجبنا الدية الكاملة، وقد أطلق الفقهاء أقوالهم بأن الغرة تجب بسبب منع ثبوت الحياة، مع تهيؤ الجنين لها، في كلامٍ، لسنا نخوض فيه الآن. ومبنى الباب الذي افتتحناه على تحقق الحياة عند الانفصال، وهذا غير ثابت في الجنين المنفصل بسبب الجناية.
فإن قيل: ألستم قدرتموه موروثاً، فقدِّروه وارثاً؟ قلنا: هذا تلبيسٌ، وسبب صرف الغرة إلى جهة الإرث أنا لم نجد مصرفاً أوْلى من الإرث، وقاعدة الإرث مبنية على هذا؛ فإن الشخص إذا انقطع ملكه، ولا سبيل إلى تضييع ما خلّفه، صرف الشرعُ تركتَه إلى جهة يراها (١). وإذا ثبت أصل الباب في توريث الحمل، فلا يكاد يخفى الحكم إذا انفصل.
ولكن قال العلماء: نتوقف ولا نبُتّ (٢) الرأي قبل انفصال الحمل (٣)، ونبني الأمرَ في توريث الورثة القائمين قبل انفصال الحمل على المأخذ الذي بنينا عليه قاعدةَ باب الخناثى، وهو طلب اليقين، على ما سنفصل ذلك، إن شاء الله عز وجل.
٦٥٣٠ - ومما يتعيّن الابتداء به أن الرحم يشتمل على ولدٍ واحد، وأولاد، وقد يختلف التوريث باختلاف العدد، فكيف السبيل؟ وما وجه الضبط؟
هذا يستدعي بيانَ أمرين: أحدهما - في عدد الأجنة، والثاني - في صفتهم.
فأما القول في العدد، فقد ذهب الليث بن سعد إلى أنه لا يوقف إلا ميراثٌ
واحد يقدّر ذكراً أو أنثى، ونقسم الباقي بين الورثة.
(١) في الأصل: رآها.
(٢) (ت ٣): ينبت.
(٣) في الأصل: الأمر.