في وَضع اللسان بالاستيعاب؛ فالمأمور به مسحُ بَعضِ الرأس، وهو ينطلق على ما قل وكثُر، والمصير إلى التقدير من غير توقيف تحكّمٌ، ثم قال الأئمة: لو مسح بعضاً من شعره، كفى؛ لتحقق الاسم.
٩٦ - وحكى الشيخ أبو علي (١) عن بعض الأصحاب - اشتراط إيصال الماء إلى ثلاث شعرات، وهذا القائل أخذ مذهبه من اشتراط حلق ثلاث شعرات للتحلل من النسك، وهذا غلط؛ فإن الحلق في ألفاظ الشارع منوطٌ بالشعر، والشعر لفظُ جمعٍ؛ فَحُمِل على ما هو أقل الجمع.
والشعر ليس معنياً مقصوداً في المسح. ولو قيل: الأصل الرأس، والشعر قائم مقامه، وإن لم ينزل منزلة الأبدال، لم يكن بعيداً. وقد سقط إيجاب الاستيعاب، وبطل التقدير، فتعين الاكتفاء بما ينطلق عليه الاسم، والحلق متعلِّقٌ بالشعر لا محالة.
فرع:
٩٧ - لو غسل جزءًا من رأسه، سقط الفرض به وفاقاً؛ فإن المسح وإن كان هو المنصوص عليه، فالغَسل فوقه؛ فإجزاء المسح مُنبهٌ على الغَسل من طريق الأولى.
ولو بلّل الرجل يده، فلَطَم بها رأسَه، ولم يُجر ماءً، ولا أمرّ يداً، ففي سقوط الفرض وجهان: أحدهما -وهو الذي اختاره القفال- أنه لا يجزىء؛ لأن المرعي فيه ما يسمى مسحاً، والذي ذكرناه ليس مسحاً ولا غسلاً.
والثاني -وهو الذي لا يتجه عندي غيرُه- أنه يُجزىء (٢)؛ لأن الغرض وصولُ الماء إلى الرأس، وقد تحقق، ولا يجوز أن يُعتقد تعبدٌ (٣) في كيفية إيصال الماء، وقد
(١) المراد أبو علي السنجي في شرح التلخيص، والمحكي عنه ابن القاصّ، صاحب (التلخيص) كما صرح بذلك الرافعي في الشرح الكبير: ١/ ٣٥٤.
(٢) وهذا هو الصحيح في المذهب (الروضة: ١/ ٥٣).
(٣) مطموسة في الأصل، وقدرناها على ضوء السياق وما بقي من أطراف الحروف. وصدفتنا (م)، (ل).