الباقية مقسومة على فرائض الله تعالى. والوصية تتضمن إدخال النقص على حصص أصناف الورثة.
والشافعي ذكر هذه المسألة في المختصر، وأجرى لفظةً أشكلت على بعض الأكابر، وذلك أنه قال للمسألة (١) التي نحن فيها: " للموصى له بمثل نصيب ثلث البنت (٢) سدس المال ".
وظاهر هذا أنه يفوز بالسدس، ثم خمسة الأسداس تقسم على فرائض الله تعالى.
ولو كان كذلك، لكان نصيب بنت الابن أقلَّ من مال الوصية على القاعدة التي ذكرها الموصِي؛ فإنه جعل مال الوصية مثلَ نصيب من شبهت الوصية بنصيبه. وهذا لو قيل به يفسد قياس الباب بالكلية.
وقد نص الشافعي في سياق هذا الكلام على أن الوصية تدخل على فريضة الميراث كما مهدناه، فالسدس الذي أطلقه أراد به سدساً عائلاً. وهذا لا يسوغ التماري فيه أصلاً، ومن عرّضنا باسمه -وهو الأستاذ أبو منصور (٣) - ذكر في بعض مجموعاته أن الشافعي يثبت للوصية في المسألة التي ذكرناها سدسَ جميع المال، ونقل لفظ الشافعي في المختصر، فقال: قال الشافعي في هذه المسألة: " أعطيته السدس " (٤)، واعتقدَ هذا مذهباً للشافعي، وحكى عن ابن سُريج ما جعلناه أصلَ المذهب، وقال: للوصية السبع، وهو في التحقيق السدس العائل، وذكْرُه مذهبَ ابن سريج في معرض الاستدراك على الشافعي يصرّح بأنه اعتقد للشافعي مذهباً يخالف مذهب ابن سريج. وهذا محال.
ومن ظن بالشافعي هذا الظن، فقد سها سهواً بيناً.
وما ذكرت هذا لأعده من المذهب؛ فإن المذهب المبتوت الذي لا مراء فيه ما عزاه إلى ابن سُريج، ونصُّ السدس في لفظ الشافعي محمول على السدس العائل.
والعجب أنه نقل نصَّ الشافعي في جميع المسائل على قياس إدخال الوصية على
(١) للمسألة: أي في المسألة.
(٢) في الأصل: الابن.
(٣) يشير إلى التعريض الذي جاء في قوله: " وأجرى لفظةً أشكلت على بعض الأكابر ".
(٤) ر. المختصر: ٣/ ١٥٩.