الغُسل، فرعاية الهيئة محال مع هذا، والوقوف والرمي والمبيت مناسك مقصودة، والعمرة تندرج تحت الحج، والحج لا يندرج تحت العمرة.
والذي يحقق ذلك أن العمرة لو انفردت، لم تفت، فإذا اندرجت تحت الحج، فاتت بفوات الحج؛ فاعتبار الترتيب بمقتضى الفوات أولى من اعتباره بمناسك مقصودة.
١٠٥ - ومما يتصل بما نحن فيه أن من أحدث، ثم انغمس في ماء فغمره، ونوى رفع الحدث، ففي المسألة وجهان: أحدهما - أنه لا يرتفع الحدث؛ فإنه لم يأت بهيئة الترتيب المأمور به في الوضوء.
والثاني - يرتفع حدثُه؛ لمعنيين: أحدهما - أنه صيّر وضوءه غُسلاً، والغُسل أكمل من الوضوء، فكأن الشرع خفف عن المحدث أمر الطهارة، فاقتصر منه على غَسلِ أطرافٍ ومَسْح بعضها، فإذا آثر الغُسلَ، فقد رقى إلى الأعلى، فأجزأه، والغسل لا ترتيب فيه.
والمعنى الثاني - أنه إذا غمرهُ الماء؛ فإنه يترتب على أعضاء الوضوء في لحظاتٍ لطيفة؛ فيقع الترتيب، وإن كان لم يُعتمد.
١٠٦ - وإذا انتهى الكلام إلى هذا المنتهى، فلا بد من التنبيه لأصلٍ مهم، يوُضَّحُ بالسؤال والانفصال عنه.
فإن قيل: فلم شرطتم النية في طهارة الحدث؟ والنيةُ قصدٌ، ولا بد في تقدير القصد من فرض فعلٍ مقصودٍ، وليس في طهارة الحدث فعلٌ مقصودٌ؛ فإن الجُنب إذا برز لموقع القَطْر، حتى استوعب بدنَه غسلاً (١)، كفاه ذلك، فإذا لم يوجد منه فعل فما متعلّق قصده؟ قلنا: وقوفه حالّ محلّ غُسلٍ ينشئه.
فإن قيل: لو ألقي رجلٌ في غمرة، ونوى رفع الحدث فما مقصوده؟ قلنا: إيثارُه المقامَ في تلك الغمرة مقصودُه.
فإن قيل: فإن كان لا يُؤْثر المقام فيها، وهو يُغَط وُيغمس قهرآ - قلنا: من
(١) في الأصل: غَسلاً بدنه. والمثبت من (ل).