١٢٢ - فلو لمس المحدث (١)، أو حمل درهماً على نقشه آية، أو ثوباً على طرازه آية، أو كتاباً فيه آيٌ، أثبتت للاحتجاج، أو للتيمن، لا لدراسة القرآن، لم يعصِ، ولو مسّ، أو حمل لوحاً عليه آية، أو بعض آية للدراسة والتلاوة، عصى ربّه؛ فإِنه يصير مجرِّداً قصده إِلى حمل شيء من القرآن مكتوبٍ عليه، وقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاباً إلى هرقل، وضمنه قوله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} آل عمران: ٦٤ وعلم أنْ الكتاب تتداوله أيدي الكفار، وهم على أحداثهم وجنابتهم.
فصل
قال: " ولا يُمنعُ من قراءة القرآن الا جنبٌ ... إلى آخره " (٢).
٢٣ - يحرمُ على الجنب من المسِّ والحمل ما يحرم على المحدث. ويحرم عليه قراءة القرآن عن ظهر القلب، ولا فرق بين الآية وبين بعضٍ منها، ولو قال: الحمد لله أو بسم الله، فإِن قصد قراءة القرآن عَصى، وإِن قصد ذكر الله والتيمن به، لم يَعصِ.
وإِن أجراه على لسانه، ولم يقصد ذكراً، ولا قراءةً؛ فقد كان شيخي يقول: لا يعصي، ويخص تعصيتَه فيه بما إِذا قصد قراءة القرآن. وهذا مقطوعٌ به؛ فإِن القصدَ مرعي في هذه الأبواب. وما ذكرناه في الفصل بين أن يقصد وبين ألا يقصد فيما (٣) يوجد في الأذكار، ويجري في القرآن.
١٢٤ - فأما الحائض، فإنها كالجنب في المنع من قراءة القرآن.
وحكى أبو ثور عن أبي عبد الله أنه كان لا يُحرّم قراءة القرآن على الحائض.
والظاهر أنه عنى بأبي عبد الله مالكاً (٤). وحمل بعضُ الأصحاب ذلك على قول
(١) استئناف للحديث عن المحدث مطلقاًً، بعد أن انتهى الحديث عن مسّ الصبيان، وحملهم عند حفظهم للقرآن.
(٢) المختصر: ١/ ١٠.
(٣) في (ل): لا يوجد في الأذكار.
(٤) الأقرب فعلاً أنه عنى الإمام مالكاً، فمن مذهبه رضي الله عنه أن قراءة القرَان لا تحرم على =