يستحق العشرة على مقدار دينهما، فيضاربان فيها، فيضرب الابن بخمسة، ويضرب الذي استحق العشرة بعشرة، وهذا الوجه الأخير مستقيم.
والوجه الأول لا أصل له، ولا يحل عدُّه من المذهب، ولولا علمنا بأن الأستاذ موثوق في حكايته، وقد أسند الحكاية إلى متن مذهب أبي العباس (١)، لما استجزت إثباته، فكأن الأستاذ يعتقد أن حق من لا دين عليه ينحصر في العين، إذا لم يكن على من عليه الدين دينٌ آخر لأجنبي، فإن كان عليه دينٌ لأجنبي؛ فالمسألة مختلف فيها عنده.
ومما تجب الإحاطة به أن الميت لو لم يخلِّف عيناً، وترك ابنين وعشرةَ دراهم ديناً على أحدهما، فالذي عليه الدين يبرأ عن حصته، ولا تتوقف براءته على أن ينقُد لصاحبه حصتَه من الدين، والسبب فيه أنه ملك نصفَ الدين قطعاً، كما ملك أخوه نصفَه، والملك المستفاد بالإرث لا يستأخر عن الموت، وإذا ثبت ملكه في النصف، استحال أن يصير مستحِقاً للدين على نفسه، فلا بد من اعتقاد براءة ذمته (٢) عن حصته، ولو لم نقل بهذا، لزمنا ألا يملك من الميراث حصةً، أو يلزمُ أن نملّكه ونقضي بأنه يستحق على نفسه ديناً، والأمران جميعاً مستحيلان.
٦٩٠٠ - ومما نذكره في مقدمة المسائل أنه لو ترك عيناً وديناً أو مالاً غائباً، وأوصى بالدين أو بالمال الغائب، وهو قدر الثلث أو أقلُّ، فحق الموصى له ينحصر في الدين، أو في المال الغائب الذي عيّنه في الوصية، ولا شيء له في العين الحاضرة، فلو تلف ذلك المال الغائب، فالتَّوى (٣) على الموصى له، ولا رجوع له إلى العين.
وإذا تبيّنا استحقاقَه في المال الغائب، ولزمت الوصية، فقد ملك المالَ، فلو تلفت العين بعد ذلك في يد الورثة، فلا أثر لتلفها؛ فإن الملك قد استقر في العين الفائتة، وهذا بيّنٌ لا خفاء به.
ولو كانت المسألة بحالها إلا أنه أوصى بثلث الدين، أو ثلثِ المال الغائب، فلو
(١) أبو العباس: أي ابن سريج.
(٢) عبارة الأصل: فلا بد من ألفاظ ببراءة حصته عن حصته.
(٣) التوى: الهلاك.