أن الماء لم يستوعب محلّ الوضوءِ، ولكن المخالط مغمور في الحسّ، كذلك التراب إذا خالط شيئاًً قليلاً، وارتفع المختلط بضرب اليد، فلا (١) يستوعب الترابُ محلَّ التيمّم.
ولو اختلط بالتراب فُتاتةُ أوراق، أو غيرُها، فالظاهر أنه ينزل منزلة الزعفران، وإن كان فيه تيسّر (٢) التحرز منها؛ فإن التراب الخالصَ غيرُ مُعوزٍ؛ فيكفي غبرةٌ تَثُور من مخدّة أو غيرها. وللمعترض أن يقول: إذا جوّزنا التوضؤ بالماء الذي تغيّره مخالطةُ الأوراق الخريفية، فقد يجد المرء ماءً صافياً، ولا يلزمه العدول عن الماء المتغيّر إليه. وكان شيخي يتردّد فيما ذكرته من تنزيل الأوراق منزلة الزعفران.
١٩٦ - وأما قولنا: ينبغي أن يكون مطلقاًً، فيتعلق به أمران: أحدهما - أن سُحاقة الخزف أصلها تراب، ولكنها لا تسمى تراباً مطلقاًً، فهي من التراب، وليست تراباً مطلقاًً، وكان شيخي يذكر وجهين في الطين المأكول إذا شُوي ثم سُحِقَ، والوجه عندي القطع بجواز التيمم، فإن هذا القدر من الشيّ لا يسلبه اسمَ التراب، بخلاف طين (٣) الخزف والآجر؛ فإذاً الوجه الثاني غلط، غير معتدٍّ به.
والثاني: أن الماء المستعمل في رفع الحدث لا يجوز استعمالُه في ظاهر المذهب كما سيأتي.
والتراب المستعمل فيه وجهان: أحدهما - وهو المذهب أنه يمتنع استعماله ثانياً، كالماء، والثاني - يجوز استعماله أبداً؛ لأن الماء يرفع الحدثَ، فيجوز أن يتاثر، بخلاف التراب. وهو على الجملة ممّا يؤثِّر الاستعمالُ في تغييره؛ فامتنع استعماله، وإن لم يتغيّر، ثم التراب المستعمل هو الذي التصق بأعضاء التيمم، ثم تساقط وانتثر منه.
فهذا عقد المذهب فيما يجوز التيمم به.
(١) في الأصل: ولا. والمثبت من (م)، (ل).
(٢) (د ٣)، (م): قد تيسر التحرز، و (ل): قد يتعسر.
(٣) (ل): طبخ.