قبوله، لما ذكرناه من أن مقصود هذه الوصية إعتاقُه، فصار (١) كما لو أوصى بأن يُعتق.
ولا يمتنع أن يقال: الوصية تتوقف على قبوله، وهذا الوجه أفقه، ووجهه أنه لم يوصِ بتحصيلِ العتق، ولكنه أوصى لعبده بملك رقبته، فليس العتق في مقصود الوصية مطلوباً للموصي على جزمٍ، وكأنه قال: "إن اختار عبدي قبولَ الوصية عَتَقَ بالوصية"، وإن لم يقيّد (٢) باختيار القابل؛ فهي في وضعها مقيدةٌ بذلك شرعاً.
وهذا التردد الذي ذكرته يجري في الوصية للعبد بثلث المال، مع التصريح بإدخال رقبته في الوصية، فيجوز أن نقول: يعتق ثُلثه من غير قبول؛ فإن الوصية في رقبته عتاقةٌ محضة، ويجوز أن نقول: لا بد من قبوله، وإن ردّ الوصيةَ، ارتدت وكان رقيقاً للورثة.
وكل ما ذكرناه فيه إذا أوصى لعبده بثلث ماله، وصرح بإدخال ثلث رقبته في الوصية.
٧٥٠٧ - فأما إذا أطلق الوصية له بثلث ماله، ولم يتعرض لإدراج رقبته تحت مقتضى وصيته، فقد اختلف أصحابنا في المسألة، فذهب بعضهم إلى أن ثلث رقبته يدخل في الوصية، وهذا اختيار ابن الحداد، ووجهه أن اسم المال يتناول رقبة العبد؛ فإنه من ماله، فأشبه ما لو صرّح بإدخال رقبته في الوصية، وقد تقدم بيان المذهب فيه (٣).
ومن أصحابنا من قال: لا تدخل رقبته في الوصية؛ فإن المخاطب لا يدخل فيما هذا سبيله تحت الخطاب، فإذا قال: أوصيت لك (٤)، اقتضى ذلك أن يكون الموصى به غيرَ الموصى له، وهذا في إطلاقه يمنع دخوله تحت الموصى به، وهو كما لو قال لوصيّه: اصرف ثلث مالي إلى الفقراء، فلو كان الوصي (٥) فقيراً، لم يجز له أن يأخذ من الثلث شيئاً.
(١) (س): فيصير.
(٢) في الأصل: وإن لم يقاتل.
(٣) ساقطة من (س).
(٤) (س): لكن.
(٥) (س): الموصي.