ولو نقل التراب من رأسه، أو جزءٍ آخر من أجزاء بدنه من الموضع الذي ليس محلَّ التيمم إلى محل التيمم، صح ذلك.
ولو نقل التراب من يديه إلى وجهه، ففي جواز ذلك وجهان: أحدهما - الجواز؛ لأن النقل والقصد إليه قد تحقق. والثاني - لا يجوز؛ لأن محلّ التيمم كالشيء الواحد، وينبغي أن يكون النقل من غيره إليه.
ولو كان على وجهه غبار، فاكتفى بتَرْدِيده على الوجه، لم يكفه ذلك أصلاً؛ لأنه لم ينقل.
ولو مسح وجهه وعليه تراب بيديه، فعبق التراب بيده، ثم ردّه إلى وجهه، فقد كان شيخي يقطع بأن ذلك لا يجوز، وقطع غيرهُ بتخريج ذلك على الوجهين، وهو الوجه؛ فإن التراب إذا عَبِق باليد، فقد انقطع حكم الوجه عنه، فهو الآن تراب على اليد، وفي نقل التراب الذي على اليد إلى الوجه وجهان.
ولو يمّمه غيره، فإن كان معذوراً، وقد أذن في ذلك، صحّ، وإن لم يكن معذوراً، فأذن لغيره حتى يَمّمه، ففي المسألة وجهان.
وإن يمّمه غيره من غير إذنه، لم يجز، وكان كما لو برز لمهبّ الرياح، كما مضى، وإن أمكنه أن يمتنع، فلم يمتنع، ولكن لم يأذن، فالوجه القطع بالمنع؛ لما ذكرناه. ولو نقل وجهه إلى التراب فمعَّك فيه، فقد كان شيخي (١) يذكر فيه وجهين، وذكرهما بعض المصنفين. وقطع الصيدلاني وغيرُه القول بالجواز؛ فإن الأصل قصدُ التراب أخذاً من لفظ التيمّم، وقد تحقق ذلك بنقل أعضاء التيمّم إلى التراب، فلست أرى لذكر الخلاف في ذلك وجهاً.
وقد ذكر صاحب التقريب (٢) وجهاً أن من برز لمهبّ الرياح قصداً، حتى سفت
(١) في الأصل: الشيخ، والمثبت تقدير منا. وقد صدقته (ل).
(٢) صاحب التقريب، هو أبو الحسن: القاسم بن محمد بن علي بن إسماعيل القفال الشاشي، ابن القفال الكبير، وكنية الكبير أبو بكر، مثل كنية القفال المروزي. قال ابن خلكان: "صاحب التقريب، الذي ينقل عنه في (النهاية) والوسيط والبسيط. وقد ذكره الغزالي في الباب الثاني من كتاب الرهن، لكنه قال: أبو القاسم. وهو غلط صوابه: (القاسم) وأما =