أوصى للجارح، فالوصية صحيحة إذا مات المجروح بالجرح السابق على الوصية قولاً واحداً.
ومن أئمتنا من قال: إن وقع القتل بعد الوصية، بطلت الوصية، كما سنصف بطلانها في التفريع، وإن تقدم الجرح، وتأخرت الوصية ووقع الموت بالجرح المتقدم، ففي المسألة قولان.
ووجه هذه الطريقة بناء الأمر على العمل بالخبر، ثم هو نصٌّ فيمن تأخر قتله (١) عن الوصية له.
وفي التعلق بالخبر نظرٌ إذا تقدم الجرح وتأخرت الوصية؛ من جهة أنا نفهم من حرمان القاتل حكم معاقبته بمنع مقصوده، وإن كان اللفظ ظاهراً.
وهذا يناظر تردّدَ الأصحاب في حرمان من يقتُل بحق لخروجه عن محل المعاقبة؛ إذ المعاقبة (٢) على ترك التحفظ عند وقوع الخطأ، مع عموم قول رسول الله عليه السلام: "ليس للقاتل من الميراث شيء".
ثم حيث نقضي بصحة الوصية، فلا خِيرةَ للورثة، وحيث لا نقضي بنفوذها، اختلف أصحابنا، فمنهم من قال: إذا أجازها الورثة، جازت، ومنهم من قال: لا تنفذ بإجازتهم، وهذا الاختلاف مفرّعٌّ على قولنا: إن إجازة الورثة تنفيذ وصية، فأما إن جعلنا إجازته (٣) عند وجوب مراجعته ابتداء عطية، فابتداء وصية الوارث لقاتل الموروث نافذ (٤) لا شك فيه.
ثم قال صاحب التلخيص: وإن منعنا الوصيةَ للقاتل، فلو قتلت أمُّ الولد سيدها، عتَقَت؛ فإن عتقها محسوب (٥) من رأس المال، لا يسلك به مسلك الوصايا.
فأما المدبّر إذا قتل سيدَه، والتفريع على أن الوصية للقاتل مردودة، فقد اختلف
(١) في الأصل: يأخذ مثله.
(٢) في الأصل: أو المعاينة.
(٣) إجازته: كذا في النسختين، ويستقيم الكلام على معنى: الوارث.
(٤) في الأصل: فإنه.
(٥) (س): يحسب.