ذكره أئمة المذهب، فلو دبّره، ثم أوصى به لرجل، فإذا قلنا: التدبير وصية، فالذي ذهب إليه الأصحاب أن الوصية برقبة العبد رجوعٌ عن التدبير؛ فإن الوصية مع التدبير متناقضان. ولا شك أن صاحب التقريب يطرد وجهين في هذه الصورة: أحدهما - أن الوصية رجوع عن التدبير، والثاني - أن التدبير والوصية يزدحمان.
وإن قلنا: إن التدبير تعليق عتقٍ بصفة، وقد تقدم واستأخرت الوصية، فالوصية ساقطة؛ فإن التدبير لا يزول بالرجوع عنه، والوصية لا تنجز حقاً، بخلاف تنجيز الإعتاق، وبخلاف البيع والهبة مع الإقباض، فإذا امتنع الرجوع، نفذ العتق المعلق بالموت معه، ولا أثر للوصية.
٧٥٨٣ - ومما يتعلق بهذا القسم أنه لو أوصى بعبدٍ لزيد، ثم قال: بيعوه بعد موتي، وتصدقوا بثمنه، فالأمر بذلك رجوع عن الوصية؛ فإن الأمر بالبيع يناقض استبقاء الرقبة حتى يفرض الازدحام فيها.
ولو أوصى بأن يباع العبد بعد موته ويصرف ثمنه إلى الفقراء، ثم أوصى بأن يصرف ثمنه (١) في الرقاب، فهذا يقتضي الازدحام، فيتضمن تشطير الثمن بين الجهتين.
وقد نجز الغرض في ذكر الأقوال التي تتضمن الرجوع عن الوصية.
٧٥٨٤ - فأما الأفعال، فإنا نعدّد منها جملاً ذكرها الأصحاب، ونشير إلى ما اعتمدوه في قياسها، ثم نذكر المسلك المرتضى عندنا.
قال أئمتنا: إذا أوصى لإنسان بحنطة معيّنة، ثم طحنها الموصي، فيكون الطحن رجوعاً عن الوصية، وكذلك لو أوصى بالدقيق، ثم عجنه وخبزه.
وقالوا أيضاً: لو أوصى بشاةٍ لإنسان، ثم ذبحها، كان الذبح رجوعاً عن الوصية، وكذلك لو أوصى بثوبٍ، ثم قطعه وفصله، فالقطع والتفصيل رجوع.
وتعلق (٢) الأصحاب في تعليل ثبوت الرجوع في هذه المسائل بزوال الاسم،
(١) في الأصل: عنه.
(٢) في النسختين: "واعتمد". والمثبت اختيار منا ليستقيم الكلام مع قوله: (بزوال الاسم).