فلو قال المالك: ائتمنتك فيما تعدّيتَ ابتداء، ولم يبدّل يده، ففي زوال الضمان مع استمرار اليد الأولى وجهان مشهوران، ذكرناهما في مواضعَ من كتاب الرهن وغيره، فلو قال المالك (١): أبرأتك عن الضمان، ففي زوال الضمان وجهان مبنيان على أن (٢) الإبراء عما لم يجب ووجد سببُ وجوبه هل يصح أم لا؟

وبيان ذلك أن الضمان في الأعيان (٣) المضمونة إنما يجب عند تحقق التلف، ولكن العدوان قبل التلف سببٌ في الضمان، فإذا أبرأ من له الحق عن الضمان قبل التلف، كان ذلك إبراء عما وجد سببه، ولم يجب بعدُ.

وفي هذا أدنى نظر؛ فإن الإبراء لو كان يوجد من هذا المأخذ، للزم على مقتضاه أن نقول: إذا أتلف العين بعد الإبراء لا يضمن قيمتها، وهذا بعيد لم يسمح به (٤) الأصحاب.

ولو قال قائل: إنما أبرئه بشرط ألا يجدد عدواناً، فهذا إبراء مشروط، والإبراء على هذا الوجه يفسد، فالوجه إذاً في إجراء الوجهين ردُّهما إلى أن الضمان هل يسقط بإسقاط المالك حتى تعود العين أمانة؟ فعلى وجهين، فيكون الإبراء إذاً في معنى ائتمان جديد كما قدمناه.

وهذا نجاز الفصل بما فيه.

فصل

٧٦٥٩ - نقل المزني مسائل متفرقة في أحكام الأمانة إذا دامت، وفيما يصدَّق (٥) المؤتمن فيه، وأنا أرى جمعَها تحت ضوابط؛ حتى تُلفَى أحكامُ الأمانة مجموعةً

(١) ما بين المعقفين ساقط من الأصل، وأثبتناه من (س).
(٢) زيادة من (س).
(٣) في الأصل: الإعارة.
(٤) في الأصل: لم يصح الأصحاب.
(٥) في الأصل: يتصدق.