ذلك القطر من فيء أو مغنم حتى إن لم يكن، فلا شيء لهم -وربما تمرّ (١) السنون على أهل كل قطر ولا يُصيبون فيه فيئاً ولا مغنماً، ومساق هذا يقتضي لا محالة أن يُحرم قومٌ ويعطَى قوم- فإن أراد هذا، فهو مخالفُ لما عليه معظم الأصحاب والنصِّ.
وإن أراد بذلك أن للإمام ألا ينقل الأخماس من الأقطار ويُقرَّ في كل قطر المقدارَ الذي يليق بأهل ذلك القطر، فهذا قريب لا ينبغي أن يكون فيه خلاف، على ما شرط أنه إن خلا قطرٌ، لم يُحرم أهله، ويبعث إليهم حظهم من حيث يستصوب.
٧٧٨٢ - فإن قيل: أليس من يؤدي الزكاة لو أراد أن يقتصر من كل صنف على ثلاثة، كان له ذلك؟ قلنا: نعم، ولكن آحاد الناس لو تكفلوا فضّ صدقاتهم (٢) على المستحقين في خِطة الإسلام، وما في أيديهم يقلّ على سبيل الانبساط على كافة المستحقين ويتعذر عليهم (٣) الإمكان لو أرادوه، ولا يقبل كلُّ مقدار بسطاً، فحسمنا هذا الباب.
أما الإمام، فإنه ينظر لأهل الإسلام نظر الشخص الواحد لذويه (٤) المعدودين، حتى لو ضاع واحدٌ، تداعى (٥) ذلك إلى انتسابه إلى التقصير في الضبط، فإذا كان يجب عليه أن يرعى آحادهم، فسبيل رعايتهم أن يبسط كل سهم على جميع مستحقيه، إذا كان يقبل الانبساط عليهم، ولو جُمع الزكوات عند الإمام، تعيّن عليه أن يرعى في الزكاة ما يرعاه في خمس الفيء والغنيمة.
ولكن يعترض في الزكاة قول منع النقل؛ فإن كان الإمام يرى النقل، فإنه يلتزم في جميع الزكوات إيصالها إلى المستحقين في الخِطة.
فإن قال قائل: هلا خُرّج في خمس الفيء والغنيمة قولٌ في منع النقل، كما خرج
(١) مكان لفظة غير مقروءة.
(٢) في الأصل: "صدقهم".
(٣) في الأصل هكذا: "على كافة المستحقين بياض قدر ثلاث كلمات عليا عدهم الإمكان ... ".
(٤) في الأصل: " لرو ـه " بدون نقط.
(٥) في الأصل: يراعى.