أن يكون الإقراع من سلطان، فيتجه أن نقول حينئذ: استباق (١) السلطان مكروه. والقول في ذلك محتمل.
وفي بعض التصانيف أنه إذا زوّج من لم تخرج له القرعة، لم ينفذ تزويجه (٢).
وهذا بعيد غير معتد به. ولست أدري أن هذا القائل يخصص هذا الوجه البعيدَ بقُرعة ينشئها السلطان، أو يطرده في القرعة التي ينشئها الأولياء من غير ارتفاع إلى مجلس الحكم؟
٧٨٩٩ - ثم إنما ينفذ التزويج ممن يزوج إذا كان زوّجها من كفئها. فأما إن زوجها بإذنها بمن لا يكافئها، ولم يرض سائر الأولياء؛ فللذين لم يرضَوْا حقُّ الاعتراض على عقده.
ثم اختلف أصحابنا على طريقين: فمنهم من قطع بأن النكاح لا ينعقد إذا لم يكن صدَرُه (٣) عن إذن كافة الأولياء؛ فإنا لو حكمنا بانعقاده، لكان مخالفاً لموجب الشرع؛ فإن التزويج من غير الكفء يُلحق عاراً بالنسب وأهله، وهذا لو صح، لكان متضمناً تنجيزَ ضرارٍ لا يزول، بأن نثبت للباقين حق الفسخ؛ فإن العار اللاحق لا ينغسل بتقدير الفسخ؛ إذ في تقدير نفوذ النكاح تسليط الزوج عليها. وهذا مما نقمناه من مذهب أبي حنيفة لمّا قال: إذا زوجت المرأة نفسها من لا يكافئها، فالنكاح ينعقد، والزوج يتسلط، وللأولياء حق الاعتراض. هذه طريقة.
ومن أصحابنا من قال: في انعقاد النكاح قولان: أحدهما - الانعقاد؛ فإن العاقد من أهل العقد، وقد أذنت المرأة، فينزل هذا منزلة ما لو اشترى الرجل شقصاً مشفوعاً وقبضه، ثم باعه، فبيعه نافذ، وإن كان للشفيع أن ينقضه.
(١) في الأصل: كلمة مطموسة، تقرأ على استكراه (استصواب).
(٢) عبارة النووي في هذه المسألة: "فإن بادر غيره، فزوجها، صح على الأصح، وقيل لا يصح"، فلم يحكم على هذا الوجه (بالبعد وعدم الاعتداد) كما فعل إمامنا (ر. الروضة: ٧/ ٨٧).
(٣) صَدَرُه: أي صدوره. وهذه إحدى خصائص استعمال الإمام لهذا المصدر ونحوه، يأتي به على وزن (فَعَل) بفتح الفاء والعين.