وقد يترتب على ذلك مسألة، وهي أن من كان على طهارةٍ كاملةِ، وقد أرهقه حدثٌ، ووجد من الماء ما يكفي لوجهه و يديه (١) ورأسه، ونقص عن رجليه، ولو لبس الخف، لأمكنه أن يمسح على خفّيه، فهل يجب عليه أن يلبس الخف، ثم يمسح بعد الحدث على الخف؟ قياس ما ذكره شيخي إيجاب ذلك، وهو بعيدٌ عندي والله أعلم.
ولشيخي أن ينفصل عما ذكرته في المسح على الخف بما سبق، وهو أنه رخصة محضة، فلا يليق بها، إيجاب لبس الخف، وما نحن فيه من مسالك الضرورات، فيجب فيه الإتيان بالممكن، ومن الممكن إلقاء خرقةٍ يمسج عليها. والله أعلم.
ونحن الآن نرسم فروعاً اختلف أئمتنا فيها، ثم نعقد الفصل الموعود في قضاء الصلوات.
فرع:
٢٦١ - العاري لو صلى قائماً، وأتمّ الركوع والسجود، لكان متناهياً في التكشف، ولو قعد وأومأ، لكان مخلاً بالأركان، ففي كيفية صلاة العاري وجهان مشهوران: أحدهما - أنه يتم الركوع والسجود والقيام؛ فإن الصلاة هي العبادة المقصودة، والشرائط تجب لها، فلا ينبغي أن يُخل بالأركان رعايةً لشرطٍ، ثم العري لا يزول كله بالقعود.
والثاني - أنه يصلي قاعداً، ويومىء بالركوع والسجود، وليس ذلك لرعاية الستر، وإنما هو لتحسين هيئة الصلاة على حسب الإمكان، ومن تمسّك بوجه من هذين الوجهين، يُبطل الصلاة على الوجه الآخر.
٢٦٢ - وكان شيخي يحكي وجهاً ثالثاً في هذه الصورة، وفي كلّ فرعٍ مما يليها، مما سنذكره. وهو أنه يتخير في إقامة الصلاة على الوجهين جميعاًً.
وقيل: هذا مذهب أبي حنيفة (٢)، ووجهه تعارض الأمرين، وتقابل الأصلين، ولا بدّ من احتمال اختلالٍ في الوجهين جميعاًً.
(١) في الأصل: وبدنه. والمثبت من (م)، (ل).
(٢) ر. رؤوس المسائل: ١٤٤ مسألة: ١٩٥، الهداية مع فتح القدير: ١/ ٢٣٠، حاشية ابن عابدين: ١/ ٢٧٥.