ولو قالت للولي: أذنت لك أن توكل بتزويجي، وليس لك في نفسك أن تتعاطى التزويج؛ فالذي ذهب إليه الأئمة أن الإذن على هذا الوجه لا يصح، فإنها منعت الوليّ من التزويج، وردّت التزويج إلى الوكيل الأجنبي، فكان ذلك بمثابة ما لو فوضت (١) تزويجها ابتداء إلى أجنبي، فوكَّله (٢). وهذا لا مساغ له.
ثم إذا وكّل الولي بأذن المرأة وبغير إذنها، فهل يشترط تعيين الخاطب؟ هذا ينبني على الإذن للولي؛ فإن شرطنا فيه التقيّد (٣)، بتعيين الزوج، فالتوكيل (٤) مطلقاً لا يصح، وكذلك إن لم نشترط تقييد الإذن، ولكن اتفق منها التقييد بالتعيين، فيتعين ذكرُ ذلك المعيَّن للوكيل؛ فإن التوكيل لو وقع مطلقاً، فلا يهتدي الوكيل (٥) إلى الشخص المطلوب المعين.
ولو جرى التوكيل مطلقاً، وقد عيّنت المرأة الزوج، فإن زوّج الوكيل غير ذلك المعيّن، لم يصحّ.
وإن اتفق منه التزويج منه؛ فالأظهر عندنا: أن تزويج الوكيل لا يصحّ على هذا الوجه؛ فإنه وإن صادف المعيَّن وفاقاً، فصيغة التفويض فاسدة في وضعها؛ فإن التفويض المطلق والمطلوب معين (٦) فاسد، وإذا فسد التفويض، لم يترتب عليه صحة التصرف.
وهذا بمثابة ما لو قال وليّ الطفل للوكيل: بع هذا العبد من مال الطفل بما عزّ وهان، فالتوكيل باطل على هذا الوجه. ولكن لو اتفق منه البيع على وفق الغبطة؛ فالظاهر عندنا أن البيع لا يصح، لما أشرنا إليه من فساد صيغة التوكيل. والله أعلم.
٧٩١٧ - ثم إن الأصحاب تكلموا بعد بيان ما ذكرناه في أحكامٍ تتعلق بالوكالة في
(١) في الأصل: فوّض.
(٢) فوكلت.
(٣) في الأصل: التنفيذ.
(٤) في الأصل: فالوكيل.
(٥) في الأصل: فلا يبتدىء التوكيل.
(٦) في الأصل: والمطلوب غير فاسد.