فإذا اختلّ شرط من شرائط الصلاة، أو ركن من أركانها في ضرورةٍ أو حاجةٍ، نظر، فإن كان وجوب ما اختل لا يختصّ عند التمكن بالصلاة كستر العورة، فإذا لم يجد الرجل ما يستر به عورته، فصلّى عارياً، فقد أطلق صاحب التقريب أن الصلاة لا تجب إعادتها، من حيث إن الستر ليس من خصائص الصلاة، ولهذا ذهب مالك (١) إلى أن من صلى عارياً مع القدرة على الستر، لم تلزمه الإعادة، كمن يصلي في دارٍ مغصوبة.
ونحن نرى أن القضاء يجب لورود الأمر بالستر على الاختصاص بالصلاة، قال الله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} الأعراف: ٣١، قيل: أراد سترَ العورة.
وكان شيخي يفصل القول في صلاة العاري تفصيلاً لا بدَّ منه، وساعده عليه كثير من الأصحاب، فيقول: إن صلّى عارياً في قومٍ يعمّ العريُ فيهم، فلا قضاء عليه، إذا تحول واكتسى. وإن اتفق العريُ نادراً في ناحية يندر ذلك فيها، فهذا يفرّع على أن العاري يُتم الركوع والسجودَ، أم يومىء؟ فإن قلنا: يتم، فظاهر المذهب أنه لا يجب القضاء، كما ذكره صاحب التقريب، ومن أصحابنا من أوجب القضاء؛ للندور، وعدم الدوام. وإن قلنا: يومىء، فالأصح أن القضاء يجب؛ فإنه اختلّت أركان الصلاة بأعذارٍ نادرةٍ لا تدوم.
وفي المسألة وجهٌ آخر، أن القضاء لا يجب، وسنبين أصله في أثناء الفصل.
والذي أراه أن العري إذا عمّ في قومٍ كما ذكرناه، فالوجه القطع بأنهم يُتممون الركوع والسجود؛ فإنهم يتصرفون في أمورهم لمسيس الحاجة عراةً، فيصلون كذلك، ولا يقضون، وجهاً واحداً.
فهذا مما لا يختص وجوبه بالصلاة.
٢٦٥ - فأما ما يختصّ وجوبُه بالصلاة، كطهارة الحدث، وإزالة النجاسة، وكالأركان في أنفسها، فإذا تطرق الخلل إلى شيء منها، لم يخل: إما أن يكون بعذر عام، أو بعذرٍ خاص، فإن كان السبب عذراً عاماً، فأدى المرء ما كلِّف في الوقت،
(١) ر. الإشراف للقاضي عبد الوهاب: ١/ ٢٥٩ مسألة: ٢٧٢، جواهر الإكليل ١/ ٤١.