وقد أثبت الشارع عما تعذر من الغسل بدلاً كما سبق وصفه، فلا جرم اختلف القول في القضاء.
وكان شيخي يقول: قال الشافعي (١): " إن صحّ ما روي عن علي رضي الله عنه أنه كان انكسر زنده؛ فالقى عليه الجبيرة، وكان يمسح عليها، فلم يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بقضاء الصلوات "؛ فإنقطع بإسقاط القضاء (٢).
وهذا توقف منه في صحة الحديث.
٢٦٨ - فأما إذا كان العذر نادراً غير دائم، وكان الخلل إلى غير بدل، فظاهر المذهب (٣) إيجاب القضاء، وهو كما لو عدم الماء والتراب؛ فإن فقدان غبرة (٤) تثور نادر جداًً غيرُ دائم.
فإذا صلى على حسب الإمكان، ثم وجد طهوراً، فالذي يوجد منصوصاً (٥) للشافعي القطعُ بإيجاب القضاء؛ لندور العذر، ولانتفاء البدل، وعدم الدوام.
ومذهب المزني (٦) أن كل من صلى على حسب ما أمر في الوقت، لم يلزمه القضاء أصلاً، طرداً للقياس.
ثم ظاهر مذهب الشافعي أن وقت الصلاة لا يصادفُ عاقلاً قط إلا يلزمه إقامة الصلاة على حسب الإمكان، وإنما يسقط فرضيةُ الصلاة بسقوط التكليف، أو بالحيض في حق المرأة (٧). وهذا هو مذهب المزني. ثم قال المزني مع اعتقاده ذلك: " من أقام
(١) ر. المختصر: ١/ ٣٥، والأم: ١/ ٣٨.
(٢) حديث علي رواه ابن ماجه والدارقطني، والبيهقي، قال النووي: اتفقوا على ضعف حديث علي هذا. (ر. سنن ابن ماجه: ١/ ٢١٥ ح ٦٥٧، وتلخيص الحبير: ١/ ١٤٦ ح ٢٥٠، والمجموع: ٢/ ٣٢٤).
(٣) في هامش (م) حاشية نصها: " هذا الذي ذكره ظاهر المذهب، وهو المعتمد عليه، وفيه وجه بعيد أنه لا يصلي في الوقت. والله أعلم " ا. هـ.
(٤) عبارة (ل): فإن فقدان عينهما عذر نادر جداًً.
(٥) ر. الأم: ١/ ٤٤.
(٦) ر. المختصر: ١/ ٣٥.
(٧) ر. الأم: ٨١.