في حِرف تحل ملابستها، ولو ضربنا حجراً على من يلابسها، لاحتاج إلى معاناتها كثير من الخلق، وقد امتن الله تعالى على عباده بأن نزّلهم على منازل متفاوتة وقنّع كلاً بمنصبه، وما هو بصدده، فقال عز من قائل: {وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا} الزخرف: ٣٢ وقال الحليمي في تفسير قوله صلى الله عليه وسلم: "اختلاف أمتي رحمة" قال: أراد بذلك اختلافهم في الدرجات والمراتب والمناصب.
نجز (١) القول في الحِرف وما يتعلق بالمروءات.
وأما اليسار؛ إن اعتبرناه، فيعارضه كل خصلة معتبرة في خصال الكفاءة.
وقد انتجز هذا الفن.
٧٩٥٥ - ونحن نأخذ الآن في ركن آخر من الفصل، فنقول: هذه الصفات المعتبرة في الكفاءة تنقسم؛ فمنها ما يعتبر في جانب الزوج والزوجة جميعاً، وهي العيوب والرق؛ فكما لا يزوّج الرجل ابنته من أبرصَ ومجنون ومجذوم ومجبوب، كذلك لا يزوج من ابنه مجذومة ولا مجنونة ولا برصاء ولا قرناء ولا رتقاء؛ فإن هذه العيوب تُثبت حق الفسخ من الجانبين، فكانت معتبرة فيهما.
ولو زوّج مَنْ (٢) بها عيب من هذه العيوب، ممن به عيب منها: نُظر؛ فإن اختلف جنس العيب، لم يختلف أصحابنا في المنع، وهذا كتزويج برصاء من مجنون أو مجبوب. وإن اتفق جنس العيب، فزوّج برصاء من أبرص؛ ففي جواز ذلك وجهان: وقد اختلف أصحابنا في ثبوت الخيار في مثله، كما سيأتي موضحاً في باب العيوب، إن شاء الله عز وجل.
والتزويج من الرقيق لا يحتمل أيضاًً، وتزويج الرقيقة من الطفل لا يجوز أيضاًً؛ فإن نكاح الأمة مشروط بخوف العنت، والطفل لا يتصف بذلك.
وأما ما يعتبر في أحد الجانبين؛ فهو ما عدا العيوب والرق، فليس للرجل أن يزوج
(١) غير مقروءة في الأصل. (انظر صورتها).
(٢) في الأصل: وبها.