الفقهاء، وهي أن من أقام صلاة في الوقت على اختلالها، مع بذل الإمكان، ثم أمرناه بالقضاء، فقضاها، فالواجب من الصلاتين أيتهما؟ فعلى أربعة أقوال:
أحدها - أن الواجبة هي الأولى.
والثاني - أن الواجبة هي الثانية.
والثالث - أنهما جميعاًً واجبتان.
والرابع - أن الواجبة إحداهما لا بعينها.
قال صاحب التقريب: إن قلنا: إن الواجبة هي الأولى، فهذا عينُ مذهب المزني؛ فإن الثانية قضاءٌ، فإذا لم تجب، فقد انتفى وجود القضاء صريحاً.
وإن قلنا: الواجبة هي الثانية، فهذا تصريح بأن إقامة الصلاة في وقتها لا يجب كما حُكي عن أبي حنيفة.
وإذا قلنا: هما واجبتان، فهذا جريان على ظاهر المذهب في إيجاب أداء حق الوقت، مع إيجاب القضاء.
وإذا قلنا: الواجبة إحداهما لا بعينها، فيجب حمل هذا على وجوب إقامتهما جميعاًً، حتى يتأدى بإقاتهما المفروضة منهما، كمن نسي صلاة من صلوات لا يدري عينَها؛ فإنه يلزمه قضاء الصلوات.
ويجوز حمل هذا القول على أن القضاء لا يجب؛ فإن من صلى منفرداً، ثم أدرك جماعة، فصلى مرةً أخرى، فقد قال الشافعي في قولٍ: إن المفروضة إحداهما لا بعينها، وإن كان لا يجب الإقدام على الصلاة الثانية المقامة في الجماعة.
فهذا ما وعدنا التنبيه عليه.
٢٧٣ - وأما السر الذي ذكرناه، فمذهب أبي حنيفة أن الصلاة التي لو أقيمت، لوجب قضاؤها، لا يجوز إقامتها في الوقت، بل يحرم الإقدام عليها مع الخلل، كما يحرم على المرأة إقامة الصلاة في حالة الحيض، وليس هذا مذهباً للشافعي.
وذكر بعض المصنفين أن هذا القول البعيد مثلُ مذهب أبي حنيفة، ومقتضى ذلك المنعُ من الصلاة، وتحريمُ الإقدام عليها، وهذا بعيدٌ جداً.