فأما إيجاب القضاء إذا لم يكن وجهه إلى القبلة، فجارٍ (١) على ظاهر المذهب، كما تقدم الكلام في نظائره، وأما قطعه القولَ بإسقاط القضاء عن المستقبِل المربوط، ففيه نظر؛ فإن سبب ذلك عذرٌ نادرٌ لا يدوم، وليس من جنس المرض، حتى يعدّ ملحقاً به.
فرع:
٢٧٦ - إذا ألقى الجبيرة، ثم توهم الاندمال، فبحث، فإذا العذر قائم، فالأصح أنه لا يلزمه تجديدُ التيمم. بخلاف ما لو ظنّ المتيمم العادم للماء أن بالقرب منه ماء، ثم طلب فلم يكن، فإنه يلزمه إعادة التيمم.
والفرق أنه يجب طلب الماء على من ظنه، ولا يجب طلب الاندمال.
ومن أصحابنا من أبطل تيمّم من ظنّ الاندمالَ، ثم أخلف ظنَّه، كالعادم للماء، ومن قال: لا يجب البحث عن الاندمال، عند إمكانه، وتعلّق الظنُّ به، فليس ما قاله نقيًّا عن الاحتمال.
ثم ذكر الشافعي أن المقيم السليم إذا كان واجداًً للماء، فحضرت جنازة، لم يتيمم. وقصد به الردّ على أبي حنيفة؛ فإنه جوّز التيمّم عند خوف فوات صلاة الجنازة (٢)، وأنكر الشافعي ذلك، واحتج بفصولٍ ظاهرة ليست من غرضنا.
فصل
٢٧٧ - إذا وجد المحدث في سفره من الماء ما لا يكفيه لتمام طهارته، فهل يلزمه استعمالُ الموجود، والتيمّم عن المفقود؟ فعلى قولين مشهورين: أحدهما - أنه لا يجب استعمال الماء، ويقتصر على التيمم؛ فإن الماء أصلٌ، والتيمم بدل، ووجود بعض الأصل بمثابة عدمه أصلاً، اعتباراً بمن وجد نصف رقبةٍ في الكفارة المرتَّبة.
(١) في (ل): فجاز.
(٢) ر. مختصر اختلاف العلماء: ١/ ١٤٨ مسألة: ٥٠، المبسوط: ١/ ١١٨، الهداية مع فتح القدير: ١/ ١٢٢، حاشية ابن عابدين: ١/ ١٦١.