وكذلك؛ إن قلنا: لا يثبت الاستيلاد أصلاً، على ما اختاره المزني؛ فالجارية رقيقة، والولد حرّ نسيب، وسنتكلم في قيمته، إن شاء الله تعالى، والمهر واجب، والحد منتف.
وإن فرعنا على ظاهر المذهب، وهو: أن الاستيلاد يثبت؛ فيلزم الأبَ المهرُ وقيمةُ الجارية. والولد يعلق حراً، كما تقدم.
٧٩٩٨ - والقول الآن في قيمة الولد، فنقول: إن فرّعنا على أن الاستيلاد لا يثبت؛ فتجب قيمة الولد وقت انفصاله بتقديره رقيقاً، ثم إنما يجب ذلك إذا انفصل حيّاً، وسيأتي شرح ذلك في باب الغرر (١)، إن شاء الله عز وجل.
٧٩٩٩ - ولو ملك الأب هذه الجارية يوماً من الدهر، فهل تصير أم ولد له؟ فعلى قولين مشهورين، سيأتي ذكرهما في أمهات الأولاد، إن شاء الله تعالى، وهما جاريان فيما لو وطىء جارية أجنبي بشبهة، وعلقت منه بمولود، وحكمنا بحرية الولد، ونفينا الاستيلاد في الحال؛ فلو ملكها الواطىء يوماً؛ فهل تصير أم ولد؟ فعلى القولين.
٨٠٠٠ - وإن حكمنا بأن الجارية تصير أم ولد للأب؛ فهل يلتزم قيمة الولد مع قيمة الأم؛ فعلى وجهين مشهورين: أحدهما - أنه يلتزمها، كما يلتزمها الواطىء بالشبهة.
والثاني - لا يلتزمها؛ فإنه التزم قيمة الجارية والولد جزء منها؛ فاندرج الجزء تحت الكل، وليس كالمهر؛ فإنه يجب على مقابلة إتلاف المنفعة؛ وليست المنفعة جزءاً من الجارية، ولا ينقدح توجيه الوجهين، والوجهُ بناؤهما على أن الملك متى ينتقل إلى الأب في الجارية؟ وقد اختلف أصحابنا فيه: فمنهم من قال: ينتقل الملك إليه مع العلوق، لا يتقدم عليه، ومقتضى هذا إيجاب القيمة للولد؛ فإن العلوق يحصل مع النقل، وليس يتعلق أحدهما بالثاني.
ومن أصحابنا من قال: الملك ينتقل في الجارية قبيل العلوق؛ فعلى هذا لا يلتزم الأب قيمة الولد. وهذا الوجه معلوم؛ ومسلكه من طريق التعليل اللائق بهذا الفن
(١) في النسختين: الغزو.