الحدث لا يبطل على هذا القول، فإن الماء الذي وجده قاصرٌ عن الوضوء، فلا يجب استعماله، ولا يؤثر وجودُه في التيمم الواقع عن الحدث، والغسل قد تم.
٢٨٠ - وهذا عندي غير صحيح؛ فإن التيمم أولاً وقع عن بقية الغسل والحدث، فإن كان لا يبطل بسبب الحدث لو تجرد على هذا القول، فوجب أن يبطل في حق الغسل، ثم لا يتبعض البطلان. ولو كان المعنى الذي ذكره صحيحاً، لوجب ألا يبطل التيمم على القول الأوّل أيضاً (١)؛ فإن الماء القليل وإن أوجبنا استعماله في الوضوء، لو تجرّد الحدث، فإذا فرضنا بقية الغسل، فالماء مستغرق بها، متعيّن لها، وهو في حكم المفقود، في حق الوضوء، فكان يجب ألا يبطل التيمم لذلك، فإذا بطل فعله، لاستحالة التبعيض كما ذكرناه، وجب طردُ البطلان على القولين جميعاً.
وقد حكى الصيدلاني تفريعَ ابن سُريج، ولم يعترض عليه.
فصل
٢٨١ - نقل شيخي وبعض المصنفين في المذهب: أن المسافرين إذا نزلوا، ودخل وقت الصلاة، وكان عن يمين المنزل أو يساره ماءٌ لو قصده وحصّله، لم يخَفْ على نفسه وماله، ولم ينقطع عن الرفقة، ولم يخرج وقت الصلاة - أنه يلزمه استعمال الماء، ولا يجوز له أن يصلي بالتيمم.
قال: وقال الشافعي: " لو كان الماء بين يدي المسافر (٢)، وهو يمرّ مرّاً، وعلم أنه ينتهي إلى الماء قبل انقضاء الوقت، لو اندفعت العوائق، فيجوز له أن يتيمّم في أول الوقت ".
فاختلف أئمتنا في النصّين، فمنهم من قال في المسألتين جميعاً قولان: أحدهما - يتيمّم في الموضعين سواء كان الماء المستيقن عن جانب المنزل، أو بين يديه؛ فإنه ليس واجداًً للماء في الحال؛ وقد علق الله تعالى رخصة التيمم بفقدان الماء حالة التيمم، وهذا المعنى يتحقق فيمن نزل على غير ماءٍ.
(١) مزيدة من (ل).
(٢) في (ل): " بين يدي المسافر في جهة صوبه، وهو يمرّ ... ".