ومن أصحابنا من خالفه، وقال: يلزمه نصف المسمى؛ فإن المرأة لم يوجد منها قصد أيضاً؛ إذ المسألة في الغلط. واستدل هؤلاء بمسألة، وهي: أن الرجل إذا كانت تحته كبيرة وصغيرة، فأرضعت الكبيرةُ الصغيرةَ، وانفسخ نكاحها؛ فقد قال الأصحاب: للصغيرة نصف المهر المسمى على الزوج، وإن لم يوجد من جهته قصد.
قال الشيخ أبو علي: ينبغي أن يقال: المرأة إذا (١) كانت نائمة، فوطئها الأب، أو ضبطها (٢) فأكرهها؛ فينبغي أن تستحق نصف المسمى في هذه الصورة على زوجها، كما ذكرناه في المرضعة.
وإن جرى الأمر على قصد منها، وإن لم تكن عالمة بصفة الحال؛ فينبغي أن يقال في هذه الصورة: إنه يسقط مهرها، لِما وُجد منها. ونظير ذلك من الرضاع ما لو دنت الصغيرة إلى ثدي الكبيرة، والكبيرة راقدة، فارتضعت خمساً؛ فيسقط مهرها في هذه الصورة.
فالذي تحصَّل إذن في مسألتنا: أن المرأة إن نزت (٣) على المرء، واستدخلت منه وهو نائم؛ فيسقط مهرها. وإن كانت هي نائمة أو مكرهة، فوطئها؛ فلها نصف المسمى على زوجها، لا خلاف فيه.
وإن كانت غير نائمة ولا مُكرَهة، والحال مشتبهة، فهذا موضع تردد الأصحاب، قال قائلون: لا مهر لها، لِما صدر لها من قصد، وقال آخرون: لها المهر، كالرضيعة.
ولم يختلف الأصحاب أن الصبية لو كانت ترتضع وتمتص؛ فالحكم لإرضاع الكبيرة، وتستحق الصغيرة نصف مسماها. ولا أثر لارتضاعها في إسقاط ذلك.
فهذا بيان حكم وطء الأب زوجة ابنه.
(١) ساقطة من ت ٣.
(٢) ضبطها: أي سيطر عليها، ومنعها من الحركة والمقاومة.
(٣) في النسختين: نزلت.